بغداد : وائل الملوك
تنحدر فلسفة الترويج السلبي ونشر الشائعات منذ القدم، حتى أنها كانت لغة تستخدم بين صراعات القبائل الأولى، واستمرت وصولاً لحروب الدول كالحرب العالمية الأولى والثانية وغيرها من صراعات الهيمنة والقوة، ومع مرور الوقت انتقلت إلى المجتمعات، لتصبح بعد حين ضمن الأطر العلميَّة وتدرس في كليات علم النفس والاجتماع والإعلام، خصوصا الجامعية الأمنية على حد سواء.
هذا ما كشف عنه استاذ علم النفس" المتقاعد" رزاق احمد الحسيني خلال حديثه لـ" الصباح"، مبينا أن ليست جميع الترويجات سلبية، فبعضها كان مفيدا للمجتمع، وبعض اساليب نشر الشائعات كان يدور للحفاظ على شخص مهم.
وتابع حديثه، ما قبل التطور التكنولوجي والانترنت، كنا نسمع القليل من الأخبار السلبية، التي يكمن محتواها في عالم الجريمة والقتل والاعتداءات التي تطول المجتمع عموما والشباب خصوصا، وقد لا تتجاوز نسبتها 5 %، وباوقات متباعدة، ونبقى بين مصدقين ومكذبين، لكن تنفعنا بأخذ الحذر ومن كان له إلهام بهذا العلم والاطلاع يبحث حتى يصل للحقيقة، اما في وقتنا الحالي وبالانتشار الواسع للانترنت ووجود صفحات التواصل الاجتماعي، أصبح انتشار الشائعات والمروجون للأمور السلبية آفة تحاصر المجتمع والشباب، وحتى الاطفال وبنسبة قد تصل إلى 70 %، ولها تأثيرات نفسية كبيرة تؤدي إلى تضارب الأمزجة بين المفاهيم الصحيحة للفرد وما يتلقاه من المشاهدة عبر الانترنت، مشيدا بدور الرقابة لوزارة الداخلية في محاربة الشائعات والمحتوى السلبي، الذي يعد شطرا من فلسفة الترويج المؤذي لتقاليدنا نحن العراقيين.
علي قاسم، طالب مرحلة أخيرة في كلية الاعلام، قال: بدأت اتجنب الوقوف مع عدد كبير من الأصدقاء لكثرة ما يتحدثون به من سلبيات، وقد يكون بعضها بالأساس ليس لها صحة، كونها تصنع لي الإحباط، كما أدعو القنوات والفضائيات الاعلامية بأن تعيد النظر في بث برامجها التي معظمها تنقل المعاناة والجرائم، وحتى قصص سيئة تشكل إحباطا بالمجتمع خصوصا نحن الشباب، ويجب نقل هذه الفقرات إلى الجهات المختصة لمعالجتها من دون النشر، فالمجتمعات جميعا تعاني من الفقر والإهمال، وما يحدث في مجتمعنا من سلبيات سبقتنا دول كثيرة بهذا المنظور، لكن أدركت هذه الدول طريقة صناعة برامج توعوية تسهم من الحفاظ على مبادئ الشباب، وتعطيهم دافعا للأمل بالحياة والعمل وعدم السير وراء
الشائعات.
بينما اشارت فاطمة احمد، خريجة كلية الزراعة، إلى أن الذين يروجون للسلبيات والشائعات لا يدركون بتاثيرها على انفسهم قبل المتلقي، ومع الأسف أن أغلبهم من الشباب، كونهم الفئة الاكبر باستخدامهم لصفحات التواصل الاجتماعي، فالمثقف يجب أن ينقل كل ما هو ايجابي ويقلل ويسهم في معالجة الامور السلبية من خلال النصيحة والتوعية، كما هنالك الجانب الاخر ممن هم يروجون للأمور المعرفية والتاريخية والثقافية، وحتى العلمية فهم نخبة يقتدى بهم، خصوصا أصحاب التوعية الاقتصادية وصناعة المشاريع الصغيرة، الذين من خلال حلقاتهم يسهمون في اعطاء فرصة للشباب، خصوصا المراهقين من البدء بتجربة العمل والنضوج في بناء أسرة لهم دون الاتكال على الاهالي أو انتظار وظيفة مكتبية، كما أدعو الجانب الحكومي بتفعيل الدور الرقابي في مختلف الاماكن وليس فقط في الانترنت، وفتح أبوابها امام الشباب في صناعة مستقبلهم، من خلال الدعم المتواصل لإنشاء مشروع، وتفعيل قانون توفير مبلغ من المال للخريجين للبدء بصناعة افكارهم، وما تعلموه من خلال اختصاصاتهم الدراسية التي اكملوها، بهذه الخطوة سيبتعد الشباب عن المحتويات والترويجات السلبية، وحتى الشائعات التي مع كل الأسف تنتشر اسرع عبر الصفحات الانترنت، والتي بعضها دخيل على مجتمعنا وتهدف إلى إرجاعنا ثقافيًا وفكريًا إلى الوراء.