لماذا لا يُفهم الدرس؟

آراء 2023/03/07
...

 حارث رسمي الهيتي


منذ الاحتلال الأميركي للعراق والأنبار تظهر وتختفي على مسرح الاحداث الداخلي، في فصول تبدو سياسية، وتحمل في طياتها صراعاتٍ متعددة الاوجه، صراعاً يؤججه تجار واصحاب أعمال تدفع عقودهم ومقاولاتهم-حضورها أو غيابها- باللعبة هناك إلى منطقة اللعب بالنار عادةً، وآخر تدفع به النزاعات العشائرية بكل ما تحمله قيمها القبلية من اعتداد بالنفس ورفض للرضوخ، أو أن تبدو وكأنها تعاني من انكسار لحساب أخرى أو تلعب دور التابع، في مجتمع ينشغل بتفاصيل مثل هذه، حتى وإن بدت هذه الصراعات في ظاهرها حراكاً سياسياً. وبالعادة لا تنتهي مثل هذه الصراعات قبل ان يكتوي المواطن الانباري بنارها، في بعضها يتحزّم المواطن هناك للدفاع عن «رمزه» و «شيخه» ويقف بكل ما أوتي من قوة في سبيل ان لا يصل اليهما أي خطر، وكثيراً يتنحى عن المشهد خوفاً من حربٍ ليس له فيها ناقة أو جمل، وما أن يعلو لهب النار هناك، ويسمع أجيجها حتى يجد نفسه قد بقي وحيداً يتوسل أن يعبر واطفاله جسر بزيبز، أو يتوسل للحصول على خيمة في العراء في الوقت الذي لا يرضى أولئك الشيوخ بأقل من فلل عمان واسطنبول وكردستان كملاذاتٍ لمقاماتهم العالية. الجديد هذه المرة أن تقف اصوات خارجية لتعمق الشق هناك، تعمقه وهي تنظر إلى أبعد من المستقبل، أو بعبارة أدق موقعها في المستقبل وأرباح هذا الموقع. دون حسابٍ لنكبات متتالية ألمت بهذه البقعة، التي يبدو أنها لن تهدأ. متناسياً أن قسماً كبيراً مما كانت سابقاً بيوتاً لأمنين هي الآن حجارة متناثرة وأكوام طين، ولا يخطر على بالهِ ابداً مئات من المختطفين ضاعوا إلى الآن في مجهولٍ ولا يريد أحد أن يتحدث عنه سوى في حملته الانتخابية.

أكتب عن هذا واستحضر قول غابرييل غارسيا ماركيز وهو يخبرنا ان «الحياة ليست ما يعيشه احدنا، وانما هي ما يتذكره، وكيف يتذكره ليرويه».