تفاؤل بوتين.. تعبئة أم مثالية غير مدروسة؟

آراء 2023/03/07
...

 وليد خالد الزيدي

 

لا شك في أن تداعيات الحرب بين روسيا واوكرانيا انعكست كثيرا على مصادر الطاقة والغذاء لمعظم دول العالم وعلى امن واستقرار المجتمع الدولي، ومن كان يظن بتلك الحرب صراعا ثنائيا بين بلدين دون سواهما اعاد النظر في تلك القضية منذ وقت ليس قصيرا، فضلا عن تعدد مصادر قرار إنهائها بعد شمولها أطرافا دولية اخرى غربية كانت أم شرقية فكل ينطلق من مصالح ذاتية.

على الساحة الروسية انعكست الحرب على خطابات الساسة وشعورهم بنزوة الفوز، ووصولهم لطريق تحقيق نصر ناجز على خصمهم المتعند، متمثلا بالرئيس الاوكراني زيلينسكي، ومن ذلك أبدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تفاؤله بتصاعد متانة القوة العسكرية لبلاده، التي صورها بانها تقاتل نيابة عن تاريخ الامة الروسية حينما قال خلال فعاليات ما سمي بيوم حماة الوطن في موسكو (ونحن متحدون.. لا مثيل لنا)، عادا القتال على حدود بلده دفاعا عن ابنائه الشجعان، وكمثل الجنود المدافعين عن تخوم وطنهم كما قال خلال استقبالة رئيس لجنة الشؤون الخارجية الصينية وانغ يي إن علاقاتنا بالصين وبلدان اخرى تتطور وترتقي لمستويات جديدة، ووفق ما مخطط له رغم الاضطرابات الدولية.

في ما يبدو ان بوتين في خطاب التفاؤل هذا قد ركن نفسه بين قضيتين الاولى، هي التعبئة لما يمكن أن يحدث مستقبلا مع احتمالية تطور الصراع إلى حرب استنزاف طويلة الامد، حينما اشار كذلك إلى أن العاملين في المجال الطبي وموظفي مؤسسات الدفاع وقطاع النقل، وكذلك الأطفال انما يكتبون رسائل فخر واعتزاز إلى المقاتلين على الحدود لحماية مصالح شعبهم وثقافته ولغته، لكي يصبح الشعب بأجمعه هو المدافع عن الوطن وليس الجنود فحسب، بيد أن تلك اشارات ليست مشفرة من زعيم روسيا للمشاركين في هذا اليوم لدعم واسناد العملية العسكرية لبلاده مع أوكرانيا، وتلك الجزئية مرهونة بقوة ومتانة الجبهة الداخلية الروسية، لا سيما مسألة مواجهة العقوبات الغربية عليها وهي متاحة إلى حد كبير لضخامة الامكانيات الاقتصادية والعلمية والعسكرية، التي تتمتع بها روسيا وثقافة الشعب عالية المستوى ووحدة النظم السياسية، التي تؤمن بها معظم القوى الشعبية في هذا البلد.

والثانية الشعور بالمثالية في التصرف، حينما ذهب اليه في التفاؤل باستمرارالتفوق العسكري الروسي على العدو الاوكراني واقترانه، بدعم سياسي وتنسيق ستراتيجي من قوى شرقية كالصين والهند واطراف أخرى مناوئة لسياسات الغرب بقيادة أميركا وبريطانيا وفرنسا والمانيا، لكن هذا الامر بحد ذاته لم يكن مفروشا بالورود إن لم يكن مدروسا بامعان، فهو يتطلب تنسيقا أمنيا دوليا دقيقا وحساسا بينها وبين الدول المعنية لمواجهة الخصم المشترك لهما، إضافة لذلك تلاقي المصالح الذاتية بين روسيا وتلك الاطراف حتى لا تحدث فجوة في علاقاتهما مستقبلا.