رسائل مايا أنجلو إلى كلِّ نساء العالم

ثقافة 2023/03/07
...

 رند الأسود 


من أهم سمات السير الذاتيَّة إنّها تقوم دائماً على تلخيص تجربة حقيقية اختبرها الكاتب في حياته وهذا مايجعل لها اقبالاً واسعاً عند القراء، ففي الآونة الأخيرة خصصت دور النشر مساحات كبيرة من إصداراتها لهذا النوع من الأدب إما بعض الجامعات فقد وضعت بين مناهجها الدراسية كتب السير الذاتية لأهم الكتاب والشعراء والمؤثرين مثل مؤلفات الكاتبة والشاعرة الأمريكية مايا إنجلو التي يتم تدريس أعمالها في مختلف المدارس والجامعات في الولايات المتحدة. 

هل كانت تعلم مارجريت آن جونسون (الشهيرة بمايا انجلو) والمولودة عام 1928، في سانت لويس التي عاشت حياةً مليئة بالعقبات إنها ستدخل عالم الشهرة والإبداع من أوسع أبوابه وستحصل على عشرات الجوائز العالمية وأكثر من ثلاثين شهادة دكتوراه فخريَّة. 

بمسيرة إبداعيَّة لأكثر من 50 عاماً ما بين الشعر والكتابة والغناء والتمثيل والإخراج كان لكتب السير الذاتية النصيب الأكبر بين أعمال مايا أنجلو، ومن بين أهم الكتب التي سجلت فيها صاحبة “قلب امرأة” تجاربها الشخصية هو (رسالة إلى ابنتي) الصادر حديثاً عن منشورات جدل في الكويت بترجمة منير عليمي.

الكتاب عبارة عن مذكرات ورسائل للكاتبة الى جميع النساء في العالم،  فتستهل المقدمة بخطاب عنوانه (إلى ابنتي العزيزة) لتوضح فيما بعد أن الهدف من توثيق سيرتها الذاتية وتجاربها الحياتيّة على الورق هو الدروس والعبر المستقاة منها والتي شكلت وعيها: (أنجبت طفلاً ذكراً، لكن، كان لديَّ آلاف البنات. أنتِ بيضاء وسوداء، يهودية ومسلمة، آسيوية، ناطقة بالإسبانية، امريكية أصلية وألوت. بدينة ونحيفة وجميلة وعادية، مثلية وسوية، متعلمة وغير متعلمة. أنا اكتب الى جميع الفتيات وأتحدث إليهن جميعاً فيكِ).

تكتب أنجلو في الفصل الأول عن نشأتها في ستامبز فمثل جميع الامريكيين من أصل افريقي عانت من التفرقة العنصرية آنذاك فتقول: (من دون معرفة السبب بالضبط، لم أصدق أنني كنت أدنى من أي شخص باستثناء شخص واحد، ربما كان أخي. كنت أعلم أنني ذكية لكنني كنت أعلم أن بيلي كان أذكى).

وعن مفهوم الوطن بالنسبة لها فتقول: (قد نتصرّف بأسلوب معاصر له أبعاده الكونية، ولكنني أعتقد أن شعورنا بالأمان يتحقق عندما نغوص في ذواتنا ونعثر على الوطن وهو المكان الذي لنا علاقة به وربما المكان الوحيد الذي ننتمي إليه).

كانت مايا شديدة التعلق بجدتها التي نشأت في منزلها بعد طلاق والديها، وكذلك والدتها التي بدأت بالعيش معها في عامها الثالث عشر لتتعلم منهما أهم صفة وهي (العطاء) سواء بالكلمة الطيبة أو العمل الخيري من أهم سمات الإنسانيَّة. 

تزوّجت صاحبة “أطفال الرب” مرتين وانجبت ابنها الوحيد عندما كانت تبلغ من العمر 16 عاماً، من علاقة مع أحد زملائها، ورغم أنها تعترف بتسرعها في هذه العلاقة، إلا أنها أحبت شعور الأمومة فتقول: (تعلمت أن أحب ابني من دون أن أرغب في امتلاكه، وتعلمت كيف أعلمه أن يعلم نفسه).

ناقشت مايا انجلو في كتابها العديد من المواضيع مثل الإيمان، والامتنان، والصداقة، والعنف والبذاءة، والاستقلالية، وتطرّقت في أكثر من فصل إلى مشكلة العنصريّة ضد الإمريكيين السود، فذكرت بعض نصوص الشاعرة (ماري ايفانز) تقول في مطلعها: (أنا امرأة ببشرة سوداء/ طويلة مثل شجرة السرو/ قوية واتعدى كل المفاهيم/ ما زلت أواجه المكان والزمان والظروف منيع/ ومحصنة/ أنظروا إلي/ بنظرة

جديدة).

كانت صاحبة الأغنية الصاعدة وما زالت من أهم الكاتبات اللاتي أثرن في ملايين القرّاء حول العالم، فحصلت على العديد من الجوائز نظير أعمالها الأدبية الخالدة، والتي منها جائزة الكتاب الوطني عن كتاب “أعرف لماذا يغرد الطائر الحبيس”، وجائزة بوليتزر عن الديوان الشعري “أعطني كوب ماء بارد قبل أن أموت”، وجائزة توني عن دورها في مسرحية “فلننظر بعيدًا”، كما حصلت على ثلاث جوائز غرامي عن ألبوماتها الصوتية، وفي عام 2000 حصلت على الميدالية الوطنية للفنون، وفي عام 2008 حصلت على وسام لينكولن، وقال عنها الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون بعد وفاتها “كانت من أهم الأصوات وأقواها في العالم”.