{The Swimmers}.. آلامُ اللاجئين في رحلتهم نحو أوروبا

ثقافة 2023/03/09
...

 عفاف مطر


الأختان زرع والدهما فيهما حب السباحة والطموح نحو ذهبيَّة الأولمبياد ورفع علم سوريا، الصغرى اجتهدت وأخذت المركز الأول في الأولمبياد في منتخب اللاجئين على العالم والثانية وجدت نفسها بعد فترة من الضياع في العمل الخيري في مساعدة من وصلوا من اللاجئين الى شواطئ اليونان كنقطة عبورٍ لا شرعي الى ألمانيا لينتهي بها الأمر في السجن. الأولى أصبحت سفيرة نوايا حسنة وساعدت أهلها على اللحاق بها بالطريقة ذاتها والثانية لا تزال في السجن.

الفيلم من إخراج سالي الحسيني وسيناريو سالي الحسيني وجاك ثورون ومن بطولة منال عيسى وناتالي عيسى وأحمد مالك وكندة علوش. الفيلم مبدئياً يشبه قصة فيلم(King Richard)  المستوحى من قصة حقيقيَّة للاعبتي التنس العالميتين فينوس وسيرينا ويليامز، بعد سنواتٍ عديدة من التدرب على يد والدهما ريتشارد ويليامز الذي لعب دوره ويل سميث، لكنْ في الحقيقة التحديات التي واجهتها السباحتان السوريتان كانت أعظم وأشد ألماً بسبب الحرب والهجرة ولعبهما لصالح منتخب اللاجئين بدلاً من بلدهما سوريا، فضلاً عن قلقهما على مصير والديهما وأختهما الصغرى الذين بقوا في سوريا وبالتأكيد مشقة الرحلة والهجرة اللاشرعيَّة.

الفيلم يعرض من خلال رحلة الأختين مسلسل ما يتعرض له وما يواجهه اللاجئون في مسيرتهم نحو أوروبا، الخوف، القلق، عدم تعاون بعض الدول الأوروبيَّة وعنصريتها تجاه اللاجئين، التحرش، الجوع، التعب... الخ.

رحلة البطلتين باختصار رحلة كل اللاجئين من دول العالم الثالث نحو أوروبا، إذ نرى العديد من الجنسيات، فضلاً عن السوريين وعلى رأسهم الأفارقة، هي رحلة لاجئين جماعيَّة نحو الموت أو الولادة الجديدة. 

هؤلاء اللاجئون الذين فرقتهم بلادهم المختلفة والمتباعدة وحَّدتهم مصاعب الهجرة اللاشرعيَّة، إذ يجدون أنَّ عليهم التعاون والوحدة ليعبروا البحر ويبدأوا بداية جديدة، هذا من الناحية الواقعيَّة، أما من الناحية الفنية فنرى في هذا الفيلم الفنانة كندة علوش تؤدي دور والدة يسرى وسارة وهي خطوة جريئة من فنانة بهذا العمر لتؤدي دور أمٍ لمراهقتين شابتين، كندة علوش بأدائها الهادئ والعميق في الوقت نفسه نرى ونشعر بألم الأسر عند الفراق، فمشهد الأم في المطار وهي تودع بنتيها اللتين لم تبلغا بعد سن الثامنة عشرة كان مشهداً مؤلماً وحزيناً.

المخرجة سالي الحسيني جعلتنا نعيش بصدقٍ الحالة التي يعيشها اللاجئون وهم في مركبٍ قديمٍ يحمل أكثر مما يفترض، كل من عليه معرضٌ بين لحظة وأخرى الى الموت غرقاً، لحظات من الترقب والخوف في قلب الليل البارد ووسط المحيط الواسع تأسرك بكل معنى الكلمة وتجعلك تفهم أنَّ هناك حرباً نفسية داخل قلوب وعقول اللاجئين غير الحروب الدائرة في بلادهم، حرباً بين الاشتياق والشوق، الاشتياق الى بلادهم التي من المحتمل أنْ لن يروها مجدداً وذويهم وأصدقاءهم، وشوقهم وحماستهم للوصول الى أوروبا لبدء حياة جديدة خالية من القصف والموت.

من جماليات الفيلم أيضاً أداء الممثل المصري أحمد مالك، هذا الشاب الذي تميز رغم سنه باختياراته الناجحة لأداء أدوارٍ مميزة في أعمالٍ مميزة داخل وخارج الوطن العربي رغم قلتها، وإنَّ دلَّ على شيء فهو يدلُّ على حرصه في بناء مسيرته الفنيَّة، الى حدٍ كبيرٍ أقنعني مالك بأنه سوريٌّ وأنه شابٌّ حقيقيٌّ لديه نقاط ضعفٍ كما لديه نقاط 

قوة.

أيضاً أبدع الفنان الفلسطيني علي سليمان بأداء دور الأب الحريص على مستقبل أبنائه وحنانه الفائض نحوهم وبين قسوته كأي رجلٍ عربي على زوجته. أثار الفيلم ضجة كبيرة وتقييمات عالية من "البلوغرز" لكني وبكل صراحة أجده سرداً أميناً لقصة واقعيَّة لا أكثر، فعلى المستوى الفني لم يقدم طاقم العمل أي تفصيلة جديدة أو مبهرة بمعنى الإبهار في كل مشاهد الفيلم، وأتوقع أنَّ واقعيَّة القصَّة وقضية اللاجئين هي من أعطت زخماً للفيلم. الفيلم حصد 7.4 على موقع  IMDb و82 % على موقع Rotten Tomatoes .  بيني وبينكم أتفق 

مع IMDb أكثر.