موروث لفظي

اسرة ومجتمع 2023/03/11
...

غيداء البياتي
يبدو أنَّ عددًا كبيرًا من الناس لم يسمعوا بالأمثال الشعبيَّة والأقوال للمشاهير وعلماء النفس التي قالوها عن قناعة وتجربة، وفي مقدمتها المثل الذي يقول «جاور السعيد تسعد»، ومثل هذا الموروث اللفظي الذي حفظناه من الأجداد، يبدو أنه ينمُّ عن تجربة ويعبر عن رغبة أكيدة وملحَّة لدى كل إنسانٍ في أنْ يتعرف على أشخاصٍ يبعث معشرهم الطاقة الإيجابيَّة والسعادة، فليس غريباً بعد ذلك العمر الواصل أعتاب الـ»47» عاماً، لو تجاوز رصيدي من الأصدقاء عتبة الثلاثة أو الأربعة أصدقاء من المقربين جداً لنفسي، ابتداءً من مرحلة المهد والمحاولات الأولى، ثم مروراً بمراحل اللقاءات والأحاديث والمواقف، وإنْ كان لتلك الصحبة النصيب الأوفر وحصَّة الأسد في اللقاءات السعيدة المتكررة، خاصَّة بعد تخصيص وقتٍ ويومٍ ثابتٍ أو أكثر خلال الأسبوع، يتمُّ فيه التواصل واللقاء في أحد الأماكن الجميلة، لِمَ لا وهم أصل السعادة في حياتي، فالصديق الإيجابي الذي يحول الحزن إلى سعادة والدمعة إلى ابتسامة يكون قد أسهم في تخفيف مستوى التوتر، كما يجعلك أقل عرضة للإصابة بالاكتئاب، حيث يقدم المساعدة كلما أتيحت له الفرصة للقيام بذلك.

على الأرجح فإنَّ علماء النفس أكدوا خلال أكثر من دراسة أنه إذا كان لدى الشخص أصدقاءٌ أو أقرباءٌ أو جيرانٌ حقيقيون يتميزون بروحهم المرحة، فإنَّه بالفعل سيكون قادراً على نشر هذه السعادة للأشخاص من حوله، وعلى النقيض من ذلك أي الذي لا يمتلك أصحاباً متفائلين فإنَّه سيشعر بالحزن والأسى، وبالتالي سيتحول إلى إنسانٍ سلبي يلقي بظلاله الكئيب على كل من حوله، كما أنَّ السعادة تزيد إلى حدٍ كبيرٍ من قوة الجهاز المناعي لجسم الإنسان، وهذا حقيقيٌّ وعن تجربة فعليَّة، فمنذ عامٍ أصابني فيروس كورونا، وكنت بالكاد أستطيع التنفس ولوهلة شعرت بالإحباط، فوجدت صديقاً لطالما أعده أخاً لي لم تلده أمٌ، مليئاً بالطاقة الإيجابيَّة، وهو يقف أمام باب المنزل يحمل كيساً من البرتقال، ومع أنني كنت في وضعٍ صحي لا أحسد عليه، ولكن رغبتي العارمة في لقاء الصديق المرح ذي الطاقة الإيجابيَّة لا تقاوم، نهضت لاستقباله وأخذ يدغدغ عواطفي بنكاتٍ لطيفة، ولم يجعلني للحظة أتطرق إلى ما أشعر به من ويلات المرض، فرغبت بالضحك وبهذا جعل مناعة جسدي أقوى، لذا أنصح الجميع بالابتعاد عن مصاحبة أو مجاورة الناس السلبيين ومعاشرة الأشخاص السعداء «الإيجابيين» فقط.