أخطاء الحرب

قضايا عربية ودولية 2023/03/11
...

علي حسن الفواز



الخوف من أخطاء الحرب في أوكرانيا تحوّل إلى هاجسٍ يُقلِق الكثيرين، لاسيما بعد التهديد الغربي بتوسيع قاعدة التسليح الأوكراني، مع أي خطوة قد تُقدِم عليها الصين في دعم روسيا عسكرياً.

هذا التغويل التسليحي يضع الجميع أمام محاذير وشكوك، تتعلّق بصعوبة السيطرة على إمكانية حدوث تلك الأخطاء، مقابل السعي للبحث عن حلول تُخفف نزعة التسلّح، وتذهب إلى عقلنة الخيارات الأخرى، وبما يدفع الأخطار التي قد تُسببها الأخطاء القاتلة التي يمكن أن تُقدِم عليها هذه الجهة أو تلك، وتحت يافطة معالجة الإخفاقات والانكسارات العسكرية التي بدت 

واضحة في جبهات الحرب.

أخطاء الحرب قد تكون واردة، لكنها غير مقبولة في صراع عالمي بين الأقوياء النوويين، والذين يخلطون الحرب بالسياسة والاقتصاد والرياضة والثقافة والأمن، وهي “خلطة” سحرية، وقابلة أن تفتح المزيد من المغامرات التي تتجاوز حدود الشرق والغرب، وتقطع الطريق على أيّ طموح بالنصر الذي تتوهمه الأطراف المتحاربة، وربما ستدفع إلى صناعة “امبرياليات” جديدة، أشدّ عنفاً، وأكثر سيطرة على مسارات العلاقات الدولية والأسواق والجغرافيا والمعلومات.

إنَّ طموح البحث عن النصر الكامل ليس خياراً واقعياً، فالجميع يملك غابة من الأسلحة، وأنَّ البحث عن توصيفات إيديولوجية، وإعلامية لتلك الأخطاء، لن يكون نافعاً وسط تلك الغابة المسكونة بالغزاة، وصيادي الجوائز الباحثين عن مزيدٍ من الضحايا، وأنَّ مايحدث سيكون كارثياً، ومكشوفاً على حروبٍ أخرى لا تقلُّ تهديداً وجودياً لما يسمى بـ”المجتمع الدولي” ولا أقلّ رعباً من حروب العسكر،  ولا من الطموحات التي يحلم بها “جنرالات” الايديولوجيا والمعسكرات، والذين جعلوا العالم أقل صلاحية للسكن، والبيئة أكثر تعرّضاً لأخطار التلوّث، والإنسان أكثر صدمة 

من أمراض الحداثة والعولمة.

هذا الكشف قد يجعل العالم أكثر فوضوية، وأكثر رثاثة، مثلما سيجعل من فكرة الأخطاء الحربية ليست بعيدة عن الأخطاء الايديولوجية، ولا عن عدواها التي قد تتحوّل إلى وباء عالمي، لا يقل ضرراً من عالمية ماحدث في وباء كوفيد19، وربما ستُعيد إلى الأذهان أطروحات جورج كينان الخاصة بستراتيجيات الحرب الباردة، وبصناعة المعسكرات الكبرى المسؤولة عن نصف حرائق الأرض.