عيد المرأة تمكين المرأة

آراء 2023/03/13
...

  د. أحمد الظفيري


تزامناً مع أيام احتفالات عيد المرأة التي توافق الثامن من شهر آذار في كل عام، نتطلع إلى ما تتخذه الدولة من قرارات تخص حقوق المرأة، ومنذ عام أو أكثر تقريبا عمدت الحكومة إلى استحداث ما يسمى بـ (وحدة تمكين المرأة) في جميع الوزارات ودوائرها، وقبل كل شيء علينا أن ننتبه إلى أن استحداث (وحدة) لا يحوي أي تخصيص مالي لمن يشغل هذا المنصب، بمعنى أدق أن الحكومة عدّت هذه الوحدة أمراً ثانوياً لمجرد التبجح أمام المنظمات والجمعيات العراقية والدولية بما يسمى (الستراتيجية الوطنية للمرأة العراقية 2023 - 2030) ويبدو أن الحكومة استخسرت في أن تجعل هذه الوحدة شعبة إدارية ذات مخصصات مالية من أجل أن تتفرغ من تشغل هذه الشعبة للعمل بما يخص تمكين المرأة فعليا، فعلى سبيل المثال في الجامعات كُلفت نساء بشغل هذه الوحدة، وجميعهن لديهن عمل آخر، كأن يكون التدريس أو أي عمل آخر، ثم يأتي المسؤول (الرجل) ليطلب منها (إجبارا) مجموعة من النشاطات، وكالعادة ترضخ النساء للأعلى منهن إدارياً فيبدأن بعمل ندوات وورش لا تسمن ولا تغني من جوع، بمعنى أن لا علاقة فعلية بينها وبين تمكين المرأة مطلقا، بل يبدو أن النسوة لا يتجرأن على مناقشة المشكلات، التي تواجههن في بيئة العمل أو المنزل، وبذكر المنزل فإن الحكومة العراقية تتعامل مع المشكلات التي تتعرض لها المرأة في المنزل، بوصفها مشكلات أسرية، بمعنى أنها تحل بطريقة أسرية ودية، وتستبعد تماما مصطلح (الشخصي السياسي) الذي أعتقد أن معظم النساء العاملات في مجال حقوق المرأة لا يعرفهن هذا المصطلح، وهو ببساطة يعني أن المشكلات التي تتعرض لها المرأة في البيئة الاجتماعية الخاصة ليست مشكلات أسرية، بل مشكلة منظومة علاقات أبوية اجتماعية سياسية تتخلل جميع مفاصل المجتمع. وفق هذا الفهم، كانت حلقات رفع الوعي تهدف إلى إدراك تفاصيل هذه العلاقات عن طريق حدث النساء مع بعضهن البعض عما يعايشنه، وهذه المشكلات تستلزم تشريعات سياسية من أجل حماية المرأة حتى داخل الأسرة، لأنها تعرضت وتتعرض للعنف الجسدي والنفسي وغيره من أنواع الاضطهاد، لا سيما عدم إعطائها حرية التصرف بأموالها – وهي ظاهرة شائعة في الأوساط الاجتماعية- كل تلك الأمور بحاجة لتدخل سياسي وليس عشائريا أو عائليا، ولن تحل تلك المشكلات وحدات تمكين المرأة الشكلية في دوائر الدولة، التي باتت تنسحب بعملها نحو أجواء إدارية خاصة تتلخص برفع الكتب الرسمية إلى المسؤولين وإقامة المقرر عليهن من واجبات تفرضها سلطة الدولة الإدارية.

ومن المخجل أننا نرى في معظم تلك الجلسات الرجال يجلسون في الصف الأمامي وتجلس النساء في الصفوف المتأخرة، وهو تكريس مستمر لسلطة الرجل التي يفرضها غالباً عن طريق النساء أنفسهن، بعد أن اقتنعن بانهن مجرد أدوات تعمل في خدمة الرجال، سواء أكان ذلك في المنزل أم في العمل.

تحية إلى المرأة في عيدها، وتحية لوحدات تمكين المرأة، التي أشك أنها ستتمكن في يوم من الأيام وتتحول لشعبة أو قسم إداري.