سعد العبيدي
أعلن أخيراً عن اتفاق حصل بين السعودية وإيران، برعاية صينية، لإعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وانهاء قطيعة دامت سنين، وهذا تطور إيجابي، لا يتوقف تأثيره عليهما فقط، وعلى ما سيجنيانه من عائد مادي ونفسي في مجالات الحرب النفسية والتجارة والأمن والتناحر الطائفي الذي درج على تحريك الأمزجة بالضد
بل وكذلك على المنطقة التي وجدت دولها بسبب الخلافات السعودية الإيرانية أنها مع أحدهما على حساب الآخر، وبالتالي سيكون الاتفاق مناخاً صحياً لإعادة الحسابات، والتوجه إلى بناء علاقات
فيها النظرة إلى المصالح نظرة إيجابية صحيحة خالية من الانحياز المسبق، أما بالنسبة إلى العراق الذي كان طرفاً فاعلاً ووسيطاً في عمليات التفاوض الماراثونية بين البلدين المذكورين، فإن انعكاسات الاتفاق
ستكون أكثر إيجابية على واقعه الذي شهد بسبب الخلاف بينهما انقساماً بين مواطنيه، ومساعي من كليهما للنفاذ إلى داخله، وتكوين أذرع قتال بالنيابة لتأمين المصالح الخاصة على حساب الصالح العراقي العام، وعليه وفي حال نجاح الاتفاق وانهاء
أسباب الخلاف، فإن هذه الأذرع التي أسهمت بالتوتر ستكون غير لازمة، وقد تتغير أهدافها، واذا ما تغيرت بالفعل ستتبدل أدواتها، وقد تضع أسلحتها التي استلزمها القتال بالإنابة، وتتجه إلى السياسة لتأسيس عهد جديد قد يبني العراق الجديد.
لكن السعودية وإيران لا تتحركان في ساحة مغلقة فهما جزء من منظومة توازنات إقليمية ودولية، فيها الصين تتقدم في المنطقة، تقدما سريعاً سيثير
العداء لها ولحلفائها، وفيها أمريكا الدولة الأقوى التي ستتضرر حركتها، وستقل فاعليتها في دفع السعودية للبقاء عدواً لدوداً لإيران يعمل إلى جانبها في الضغط وتأمين المصالح، وهناك إسرائيل اللاعب
الأشرس في المنطقة، الذي يسعى إلى التطبيع مع السعودية وسحبها بالتدريج إلى جانبها فيما إذا قررت ضرب ايران، على هذا سيكون من المتوقع قيام هاتين الدولتين بالعمل على وأد مثل هكذا اتفاقات أو حرفها عن المسار الصحيح، والى أن تنكشف الصورة سيكون العراق على المحك وستقتضي مصالحه التحرك
بحذر.