حسين علي الحمداني
كلما حلت ذكرى التاسع من نيسان تتجدد الأسئلة مضافا إليها أسئلة أخرى تجول في خواطرنا ليس عن مرحلة ما بعد هذا التاريخ بل أسئلة من نوع آخر أبرزها بالتأكيد هل كنا قادرين على إسقاط نظام دكتاتوري مثل نظام صدام بشهر واحد أو سنة واحدة؟ وكم هو الثمن الذي يجب أن ندفعه؟ وهل ستكون دول المنطقة مساندة لنا؟ الجواب بالتأكيد لا يمكننا ذلك بدليل أن الثورة الشعبية التي اجتاحت العراق من شماله إلى جنوبه في ربيع 1991 وكادت أن تسقط هذا النظام بل أسقطته في الكثير من محافظات الجنوب لم تكن ثورة مرغوبا بها إقليميا وأميركيا وبالتالي لم تكن نتائجها سوى اطلاق يد النظام الدكتاتوري لقمعها بكل ما يملك من قوة.
لهذا نجد أن التاسع من نيسان 2003، تاريخ بين مرحلتين في حياة الشعب العراقي، وخط فاصل بين 35 سنة من الدكتاتورية والقمع والحروب، وبين مرحلة جديدة وإن كانت ملامحها غامضة في بدايتها بعض الشيء إلا أنها بالتأكيد أفضل بكثير من تلك السنوات العجاف التي حكم فيها الجهلة وأشباه الرجال شعبا عريقا وبلد الخيرات. هذا اليوم كان يجب أن يحصل، كما حصل لكل طغاة العالم سواء في التاريخ القديم أو الحديث، لأن الشعوب يجب أن تنتصر في نهاية الأمر وأن هناك من الأسباب التي تعجل بسقوط هؤلاء الطغاة، ونظام البعث القمعي هو من صنع نهايته بيده عبر حماقاته الكثيرة التي حولت المليارات من عائدات نفط العراق وخيراته إلى وقود حرب أحرقت المدن العراقية عبر عقود حكمهم التي شكل القتل والسجن أبرز ملامحها التي لا تنسى من ذاكرتنا التي احتفظت بكل أنواع الألم الذي تركته سنوات حكم الطاغية المقبور.
ونظام صدام الدكتاتوري يختلف عن حكام العالم، ولعل هذه النقطة بالذات كانت حاضرة بقوة في مشاهد عربية حدثت قبل سنوات وجدت فيها مقارنات كبيرة بين طاغية العراق وغيره من الحكام العرب الذين تركوا السلطة بتأثير الرأي العام، دون أن يرتكبوا مجازر بحق شعوبهم مثل الرئيسين التونسي بن علي والمصري حسني مبارك وبوتفيلقة الجزائري.
ومن سمات نظام صدام لا تهمه جثث الأبرياء ودماؤهم بقدر اهتمامه بالحفاظ على السلطة بأي ثمن كان، وبالتأكيد فإن الشعب العراقي والقوى الوطنية العراقية المعروفة بمواقفها لم تكن شريكة للمحتل الأميركي بقدر ما أنها كانت تهدف بالأساس لبناء دولة ديمقراطية تكون غايتها الأولى عودة السيادة الوطنية وإنهاء الاحتلال وهو الأمر الذي تحقق باستعادة العراق سيادته.
بعد كل هذه السنوات من تهاوي الصنم بدأت ملامح العراق الجديد تظهر بوضوح أكبر بعد أن انتصر شعبنا على الإرهاب الذي هو الوجه الآخر للنظام القمعي وامتدادا له، والعراق اليوم عراق ديمقراطي تعددي مارس الشعب حقه في اختيار من يمثله في أكثر من دورة انتخابية جعلت من الشعب العراق محط إعجاب وتقدير المجتمع الدولي.