حسن العاني
جلسات الأصدقاء، وخاصة إذا جمعت الجنسين، لها نكهة لا تغادر الذاكرة، وبالذات إذا ارتبطت بحادث ما على غرار ما حصل في جلستنا المشتركة ليلة الجمعة على السبت (23/ 24 كانون الأول 2022) وذلك بسبب الأمطار الغزيرة التي حُرمنا منها منذ زمن بعيد.
من المعروف أن أية جلسة يكون فيها للمرأة حضور، تتغير لغة الرجال ومفرداتهم الخشنة وتصرفاتهم الفوضوية لتحل محلها لغة عذبة رقيقة، وتتسم تصرفاتهم بقدر كبير من الرقي الحضاري، وهو ما حصل في تلك الليلة، مع أنه لم يكن لدينا موضوع محدد. ومع ذلك يجب الاعتراف بأن قضايا الساعة الساخنة كانت مائلة بقوة، وفي مقدمتها السرقات والفساد والتزوير وحكاية (سرقة القرن) التي تقدمت على غيرها.
أبو سلمان، تحدث بإسهاب عن السرقات التي شهدها العراق بصورة غير مسبوقة بحيث تحولت إلى ظاهرة، وصفها أبو محمد بلهجة تنم عن اليأس (لا يمكن القضاء عليها لأنها لم تعد حكراً على صغير أو كبير) وأيده أبو غائب (هذه الظاهرة في الحقيقة هي جزء من حالة أكبر اسمها الفساد يمتد إلى تزوير العقارات والوثائق والشهادات المدرسية وشهادات بعض النواب)، السيدة خديجة أم غايب اعترضت قائلة (لا يوجد شيء اسمه صعب أو مستحيل لو توفرت النية الصادقة والإرادة الحقيقية، ولو تم توجيه ضربة موجعة للفساد ورؤوس السرقة، لتوقف كل شيء أسرع مما نتصور). !
وفيما ذهب أبو إبراهيم إلى أن السارق أو من يثبت عليه أي نوع من أنواع الفساد لو تعرض إلى أشد العقوبات وبأسرع وقت وبدون مماطلة، لكان العراق بخير، وعلقت سيدة رقية (لو أكو عين حمره كان ما صار اللي صار) ورأى السيد حمدان العبيدي [لو ينحكم السارق ست سنوات مثلاً وعلى الفور كان صار عبره لغيره]، ويبدو أن قضية (مدة الحكم) قد أثارت الكثير من المقترحات حولها، حتى بلغت إلى المؤبد أو الاعدام.. وفي تلك الأثناء تدخل الحاج نجم (رجل قضاء متقاعد)، يحظى باحترامنا الشديد، إذ قال [لكي نحمي المجتمع من السرقة يجب أن نفرض على السارق عقوبتين، فإذا كان المبلغ الذي سرقه (100 مليون دولار) مثلاً، ولم تكن هذه أول سرقة له فيجب أن يدفع المبلغ كاملاً – ولا فائدة من الحكم عليه عشرين سنة أو ألف سنة، لأن الدولة ملزمة بطعامه ورعايته وصحته وهو في السجن، وهذه مجرد خسارة عليها - ومع ذلك لا يطلق سراحه إلا بعد تنفيذ العقوبة الثانية عن جريمته، وهي العقوبة التأديبية، وذلك بأن يدفع مبلغاً قدره "10 بالمئة" من المبلغ الكلي]، سحرنا الرجل بوجهة نظره، وتساءلنا: كيف غاب هذا الحل البسيط على الحكومة؟! وأجاب بعضنا إجابات يشيب لها رأس الرضيع، ولكن اشتداد الزخات المطرية جعلنا نتفاءل وننسى الموضوع!.