انهيار جبل السليكون

قضايا عربية ودولية 2023/03/16
...

علي حسن الفواز

قد يكون انهيار مصرف "سليكون فالي" في الولايات المتحدة مدخلاً مثيراً للحديث عن تصدّع النظام المالي والمصرفي في الغرب، أو للكشف عن سيناريو ما يمكن أن يحدث في النظام الرأسمالي وهو يدخل عصر "التضخم الستراتيجي"، جرّاء سياسات الطوارئ الاقتصاديَّة، وعسكرة أسواق المال مع استمرار الحرب الأوكرانية الروسية.

حجم ما يملكه هذا المصرف من أصول يفتح باب الجدل واسعاً، فانهيار مصرف يملك رصيداً يتجاوز "212" مليار دولار، يحتاج إلى تفسير عميق، وإيقاف "8500" موظف مصرفي عن العمل سيكون له أثره الضاغط في واقع الأنشطة المصرفية في الولايات المتحدة، وربما سيفتح باباً آخر لحالات غلق وانهيار جديدة، مثلما حدث مؤخراً مع مصرفي "سيغنتشر" و"سيلفرغيت" الأميركيين، وبهذا فإنَّ الشركات الناشئة في السوق المصرفية ستكون أكثر تضرراً بسبب ما يجري في الأروقة السرية للمصارف الكبرى، لاسيما أنَّ مصرف "سليكون فالي" كان يموّل أكثر من ثلاثين ألف شركة من تلك الشركات، فضلاً عن علاقة ذلك بالمصالح المصرفية في العديد من الدول الأوروبية والصين واليابان وغيرها.

لكن يبقى أخطر ما يحدث في هذا الأمر هو صعوبة حصول المودعين على أموالهم، لأنَّ الطريقة التي تم بها الإعلان عن انهيار مصرف "سليكون فالي" تعني الشكوك بوجود فساد، وبسوء إدارة للنظام المصري، وبالتالي فإنَّ الاستفادة الربحية من نظام الفائدة التي أعلنتها المصارف الأميركية لم تعد قائمة، لأنَّ ما أعلنه الفيدرالي الأميركي بشأن رفع سعر الفائدة لم يكن واقعياً، وكان جزءاً من إجراءات طارئة لمواجهة التضخم، وهو ما أحدث خسائر كبيرة ومتواصلة، بسبب تزاحم الحصول على سيولة نقدية، دفعت إلى تهديد آلية استمرار عمل المصرف في مواصلة تأمين تلك السيولة للمودعين، مما دفع الجهات المعنية في المصرف إلى اتخاذ قرارات صعبة، آخرها الإعلان عن إصدار سندات وبيع سندات وأسهم المصرف، والذي كان مسوّغاً لإغلاقه، مقابل تسجيل خسائر كبيرة، وهو ما جعل الرئيس الأميركي جو بايدن يتدخل بشكل مباشر، عبر إجراء إصلاحات مصرفية، أو تقديم دعم فيدرالي، ومعاقبة المسؤولين عن هذا الانهيار الذي يمكن أن يقوّض عمل إدارات العمل المصرفي في النظام الرأسمالي.