بغداد: حسين ثغب التميمي
شدَّد خبراء المال والاقتصاد على أهميَّة التخصيصات الاستثمارية في الموازنة الاتحادية لعام 2023 في تحريك سوق العمل، إذ ستؤسس لقاعدة إنتاج مضافة تحرّك الطاقات الإنتاجية العاطلة وتحديداً العمل وبنسب نمو متسارعة، وأنَّ السير بجدية نحو الانتقال من الإنفاق الاستهلاكي إلى الإنفاق الاستثماري مهم لما له من مردود على حياة المجتمع العراقي وتحقيق تطلعاتهم.
المستشار المالي لرئيس الوزراء د. مظهر محمد صالح أكد أنَّ "الإنفاق الاستثماري الموجه بكفاءة عالية ومدروسة بعناية من حيث الجدوى الاقتصادية والفنية يتجه إلى تحريك دورة العمل على نطاق واسع، وذلك جراء الترابط الواسع بين النفقات الاستثمارية نفسها والطلب المشتق على مدخلات العملية الإنتاجية موضوع الاستثمار وتحديداً عنصر العمل، فضلاً عن لوازم الإنتاج المادية الأخرى ذات العلاقة في مركبات دالة الإنتاج والتي يستهدفها الإنفاق الاستثماري نفسه".
وقال: إنَّ "هناك مقياساً للتأثيرات المتعجلة للإنفاق الاستثماري على درجات النمو في الناتج المحلي الإجمالي لكون الإنفاق الاستثماري يؤسس لقاعدة إنتاج مضافة ويحرك الطاقات الإنتاجية العاطلة وتحديداً العمل وبنسب نمو متسارعة أو ما يسمى بمعجل الإنفاق الاستثماري"، مبيناً أنَّ "نمو الصرف بمعدل دينار واحد على النشاط الاستثماري بكفاءة سيولّد دخلاً بنسب نمو أعلى أو مرتفعة ذلك في إطار تطور سلاسل الطلب على عنصر العمل كأحد أهم عوامل الإنتاج وآثار ذلك في نمو دورة التشغيل نفسها، أي من خلال الاستخدام الأوسع للموارد الإنتاجية البشرية المحركة لسوق العمل".
وأشار إلى أنَّ "الاستثمار في قطاع السياحة على سبيل المثال يولد طلباً على العمل بمعدل 25 فرصة فوراً من المهارات البشرية المختلفة ذات العلاقة، كذلك الاستثمار في قطاعات التشييد والبناء له القدرة على توليد طلب على العمل بنحو 200 فرصة من مختلف المهارات البشرية وهكذا بقية القطاعات التي يؤثر الاستثمار فيها في عوامل الطلب في سوق العمل الوطنية".
الاستشاري بالتنمية الصناعية والاستثمار عامر الجواهري قال: إنَّ "الحديث عن مدى تأثير التخصيصات الاستثمارية في تحريك سوق العمل الوطنية، يجب أن نكون واضحين فيه دائماً، كون الهدف تحقيق الازدهار والتنوع الاقتصادي والاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية وغير الطبيعية كافة بما فيها القدرات البشرية، وتحسين الناتج المحلي وزيادة إيرادات البلد وتقليل النفقات، كل هذا يتطلب تطوير وتحسين البنى التحتية والخدمات وهذه هي المشاريع".
وأضاف "حين نتجه إلى تنفيذ مشاريع تصب بهذا الاتجاه وتسهم على مدار الزمن وتوقيتات تنفيذها في تحقيق نقلات نوعية بما يعني الاستغلال الأمثل للموارد، يجب أن تكون جميع المؤسسات الحكومية منتجة، أي لديها مشاريع تحسين طاقات، كل هذا يرتبط بتوفير بيئة العمل والتمكين الفعلي الحقيقي للقطاع الخاص بجميع مجالاته، حتى ترتفع نسبة مشاركته بالنشاطات التنموية والناتج المحلي الإجمالي".
ولفت إلى أنه "عندما نعرج على مسودة الموازنة التي أرسلت إلى البرلمان، نلاحظ أنه لا يوجد تفاصيل لتلك المشاريع وبالتأكيد يفترض أنَّ هناك مشاريع كبرى على التوازي مع التحريك الذي قلنا لمشاريع القطاع الخاص"، مبينا أنَّ "التخصيصات الاستثمارية في الموازنة تشكل 25 % قرابة 49 تريليوناً ونصف التريليون دينار عراقي، وهذه المبالغ كبيرة حقيقة، وهنا لابد أن نتوجه لمعيار التنفيذ والتحقق خاصة عندما نرى بعض التفاصيل في تلك المبالغ مثلاً هناك مشاريع تنمية الأقاليم وهناك الصندوق العراقي للتنمية وهناك صندوق الإعمار والتنمية للمحافظات الأشد فقراً طبعاً هذه كلها مبالغ، يعني مثلاً الصندوق العراقي للتنمية خصص له ألف مليار دينار والمحافظات الأشد فقراً 500 مليار دينار هذه يفترض كلها أن تكون مشاريع حقيقية فوراً ".
المختص بالشأن الاقتصادي د. مصطفى محمد إبراهيم أكد أنَّ "النفقات الاستثمارية تعد جزءاً مهماً من الإنفاق العام وهي من الوسائل التي توجه أنشطة الحكومة ورفع التنمية الاقتصادية والاجتماعية فهي تمثل على وجه الخصوص التخصيصات التي تعتمد لتغطية الإنفاق الاستثماري وتعكس مدى رغبة الحكومة في تحقيق عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودفعها للأمام ولا يمكن أن تتحقق التنمية في القطاعات الاقتصادية بدون زيادة الإنفاق الاستثماري الذي يشمل الإنفاق الرأسمالي لشراء المعدات والمكائن والأدوات وبناء المصانع والمعامل والمجسرات".
وتابع إبراهيم أنَّ "كل زيادة في الإنفاق تؤدي إلى إضافة طاقة إنتاجية جديدة تساعد على النهوض بالاقتصاد المعطل، إذ تأخذ النفقات الاستثمارية شكلين هما، الأول الإنفاق على مشروعات رأس المال الاجتماعي وشمل الإنفاق على المشروعات العملاقة مثل الطرق والموانئ والسكك الحديد والسدود ومشروعات الكهرباء، أما الشكل الثاني فهو الإنفاق على المشروعات الإنتاجية التي تقوم الحكومة بإنتاجها من أجل دفع عجلة التنمية وتوجيه النشاط الاقتصادي في المسار الذي يحقق سياساتها
الاقتصادية".
وقال: "كلما ارتفعت نسب الإنفاق الاستثماري مقارنة بالاستهلاكي دل ذلك على تراكم رأس المال والطاقة الإنتاجية ومن ثم تزايد معدلات النمو الاقتصادي، إذ نجد أنَّ الإنفاق الاستثماري منذ عام 2003 وإلى عام 2023 كان متذبذباً بالارتفاع والانخفاض وبعض الأعوام يتحول الإنفاق الاستثماري إلى تشغيلي، إذ نلحظ أنَّ موازنة عام 2021 تم تخصيص مبلغ (13.322.973) تريليون دينار للإنفاق الاستثماري ويشكل نسبة (13 %) من إجمالي الإنفاق العام البالغ (102.849.659) تريليون دينار مقارنة بعام 2023 إذ بلغ الإنفاق الاستثماري (49.675.341) تريليون دينار وبنسبة (25 %) من إجمالي الإنفاق العام البالغ (198.683.719) تريليون دينار مما يعني ضعف الإنفاق الاستثماري عن عام 2021".
وزاد إبراهيم أنَّ "رفع نسبة التخصيصات التشغيلية يعني أنَّ الحكومة ضمن منهاجها تركز على دعم المشاريع الاستثمارية في جميع القطاعات وانتشال الوضع الحالي البائس من الترهل الوظيفي الحكومي الذي يثقل كاهل الموازنة لما للإنفاق الاستثماري من تشغيل الأيدي العاملة العراقية والحفاظ على العملة الأجنبية وتحقيق إيرادات تفوق الإيرادات النفطية وتحريك سوق العمل الشبابية من 19 سنة إلى 35 سنة التي ركزت عليها أهداف التنمية المستدامة عام 2030 والقضاء على البطالة وانخفاض العمالة الأجنبية".
وشدد على أهمية أن "تتجه الحكومة بجدية من الإنفاق الاستهلاكي إلى الإنفاق الاستثماري لما له من مردود على حياة المجتمع العراقي وتحقيق تطلعاتهم. وبرأيي المتواضع أنَّ تخصيص الإنفاق الاستثماري الحالي قبل المصادقة عليه من قبل السلطة التشريعية انه مبلغ موازنة بلد في إحدى دول شرق آسيا وعلى الحكومة التوجه نحو الإنفاق الاستثماري من الآن".