تركيا والرهان الانتخابي

قضايا عربية ودولية 2023/03/18
...

علي حسن الفواز

ترشيح رجب طيب أردوغان للانتخابات الرئاسيَّة التي ستجرى في تركيا خلال شهر أيار المقبل، يفتح باب التكهنات، بشأن إمكانية ضمان الفوز، وبشأن نجاح برنامجه الانتخابي، وبشأن قدرته على إعادة إنتاج توجهات حزب العدالة والتنمية، على مستوى إيجاد كتلة برلمانية فاعلة في انتخابات البرلمان التركي، وعلى مستوى تأمين ما هو ستراتيجي في سياق مواجهة التحديات الداخلية والخارجية، لاسيما في سياساته الاقتصادية، ومعالجة آثار الزلزال المُدمر، وبشأن وجود تركيا في حلف الناتو، وموقفه إزاء قبول السويد وفنلندا في الحلف. 

رغبة أردوغان في الفوز البرلماني والرئاسي تعكس إصراراً على بقاء وجود حزبه كقوة حاكمة، مع الحركة القومية ضمن ما يُسمى بـ"حركة الجمهور" وفي مواجهة تداعيات ما يحدث في الجغرافيا السياسية الإقليمية والدولية المضطربة، وفي استمرار سياساته التي تخلط بين التوجهات المُحافِظة، والشكل الليبرالي لدولة تملك إرثاً "أتاتوركياً" ضاغطاً، فضلاً عن إجراءاته البراغماتية، في التعاطي مع الأزمة الأوكرانية، ومع علاقتها بملفات الطاقة وممر الحبوب، وهو ما سيدفع باتجاه تأليب الرأي العام التركي للقبول بسياساته، والتي ستلعب دوراً، قد ينعكس عبر استثمار الانقسامات السياسية بين أحزاب المعارضة، وعدم اتفاقها على مرشح واحد يملك أهلية المنافسة الحقيقية مع أردوغان، ومع طموحه في تجديد رئاسته للجمهورية. 

البحث عن تحالفات معارضة بين أحزاب ما يُسمّى بـ"الطاولة السياسية"، قد يواجه الكثير من العقبات أمام الاتفاق على مرشّح رئاسي واحد، فرغم تعدد الوسطاء بين أحزاب تلك الطاولة المعارضة، إلّا أنَّ الخيار سيظل صعباً، ومحفوفاً بمخاطر البحث عن نجاحٍ آمن، وعن توافقات يمكنها خلق أجواء برلمانية وشعبية تضمن نجاح المنافسة، ومواجهة أيّ انهيار يمكن أن يحدث بين أحزاب المعارضة، والتعاطي بواقعية مع أزمة الشارع التركي، لاسيما بعد تداعيات زلزال الجنوب التركي، وانهيار العملة الوطنية، مع بقاء الحلم بالانضمام إلى الاتحاد الأوروبي قائماً، وباعثاً على اتخاذ إجراءات كثيرة، يمكن أن تدفع أحزاب المعارضة إلى استثمارها، بعد فشل سياسات الرئيس أردوغان في تأمينها.