تدويل ملف المياه

آراء 2023/03/19
...

 عباس الصباغ


من أصل (60) مليارم3 هي ما تبقى من الطاقة الإروائية للعراق اي اقل من الثلث، فتدويل ملف المياه وهي دعوة اُطلقت من زمن بعيد، بعد أن تمادت دول الجوار (المنبع) بسياسة الإظماء، التي تؤدي إلى مزيد من الجفاف والتصحر، وتعريض الأمن المائي إلى الخطر والمؤدي إلى الاجحاف بالامن الزراعي والثروة الحيوانية، اذ توجد هناك اتفاقية 1982 أو ما تسمى قانون البحار صادق عليها العراق 1985، وتوجد محكمة مختصة بذلك، وفق هذه الاتفاقية، ومقرها هامبورغ تتكون الدول المنظمة لهذه الاتفاقية من 196 دولة بضمنها العراق وتركيا، كما أعطت المادة 297 من هذه الاتفاقية الحق للدول “المتضررة” حق اللجوء لهذه المحكمة كالعراق، وايضا اتفاقيات دولية تنظم موضوع المياه منها اتفاقية لوزان 1923 ومشاهدة الصداقة 1946 واتفاقيات وبروتكولات ثنائية بين العراق وتركيا، منها 1977 و1997و2007 و قانون المجاري الدولية 1977وقواعد الامم المتحدة.

 القطاع الزراعي هو من أهم القطاعات التي يرتكز عليها الامن القومي العراقي، لذا يتوجب رسم خارطة طريق لتأمين المياه لهذا القطاع الحيوي، والذي يعتاش عليه ملايين العراقيين، لأنهما نهران دوليان يخضعان للقوانين الدولية التي تحمي الدول المتشاطئة، أو باللجوء إلى اجراءات اقتصادية وتجارية ضد هذه الدول، اذ وصل حجم التبادل التجاري لأكثر من (22) مليار دولار مع تركيا، والابتعاد عن سياسة “استجداء” الإطلاقات المائية من دول المنبع، من أجل تأمين التروية الكاملة وتخليص البلد من ظاهرة الجفاف والتصحر والهلاك، وإن كانت هذه ظاهرة عالمية ولا تنحصر فقط بالعراق، ولكن ما يحدث في الواقع المائي للعراق يستدعي حلولًا عاجلة، بعد أن كان العراق يكتفي ذاتيا من واردات قطاع الزراعة، ويسمى تاريخيا بأرض السواد اصبح اليوم يستورد أبسط المحاصيل الزراعية من دول الجوار (المنبع)، والتي تتعمد سياسة الإظماء، ضاربة عرض الحائط أن المياه حق إنساني وأخلاقي وبحسب المواثيق الدولية ومبدأ تقاسم الأضرار مع جميع الدول المتشاطئة، إلا أن الضرر الأكبر وقع على العراق، لذا يجب أن يتدخل المجتمع الدولي، لتوفير الحد المقبول منها، ومن أجل رفع المعاناة عن العراق، الذي جعلته المقادير الجيبولوتيكية والجغرافية أن يكون ضمن دول المصب، وأصبح يعاني من تداعيات الهجرة الداخلية بسبب الجفاف، بعد قيام الجانب التركي بإنشاء العشرات من المشاريع الاروائية والسدود على نهري دجلة والفرات، واستخدام المياه كوسيلة ضغط سياسية مع العراق، مخترقا بذلك القواعد والقوانين الدولية المنظمة لحقوق الدول وحصصها المائية، مع التحذير من وصول الأزمة إلى مياه الشرب، ومن الصعوبة تأمين خطة زراعية في الصيف في حال غياب الاطلاقات المائية ومياه الأمطار، فالمخزون المائي في البلاد بات على المحك.

فلا مناص إذاً من أن تراجع دول المنبع (ومنها ايران) سياستها المائية مع العراق، وتتعامل معه وفق مبدأ حسن الجوار، وتنظر بعين الاعتبار إلى ملف المياه من كل الجوانب الانسانية والاخلاقية، عن طريق التدويل أو غيره، ونتمنى أن تلتزم تلك الدول بها. 

لكن الطريق إلى الأمم المتحدة ليس مفروشا بالزهور دائما.