د. حميد طارش
الموازنة العامة، ببساطة، هي الأموال المخصصة لجميع مؤسسات الدولة، وسواء كانت تشغيلية أو استثمارية، أي هي تتعلق بعموم الشعب من حيث مايجبى له من إيرادات ويصرف عليه من نفقات، بل وما تستهدفه من معالجة مشكلاته، كالبطالة ورداءة الخدمة الصحية والتربوية وتحسين الخدمات، فضلاً عن التنمية في جميع المجالات.
ومما يُلاحظ على مشروع قانون الموازنة تكرارها لثلاث سنوات على خلاف ما اعتادت عليه الموازنات السابقة، ربما جاء هذا الأمر بسبب التأخر المستمر في تشريع القانون وما يترتب عليه من إيقاف للمشاريع وتلكؤ العمل الحكومي، بل ولم تصدر الموازنة لعامي (2014و2022)، فضلاً عن تعرض إقرارها إلى الضغوط والمساومات السياسية وهذا ما حدث علناً في عام (2008) عندما وضع المشروع في سلة واحدة مع مشاريع أخرى للتصويت عليها مجتمعةً، وكأنها قانون واحد!، مما سجل سابقة كانت موضع الانتقاد الشعبي والنخبوي، لكون الموازنة تمثل مصلحة عامة ينتظرها الجميع دون تمييز، ولايمكن بأي حال من الأحوال تعطيلها.
والتساؤل الذي يُثار على تلك المدة الزمنية باعتبارها طويلة، وقد لاتستجيب لتغير الأولويات والتطورات والأحداث التي يمكن أن تحصل في مختلف المجالات، والجواب، بالإمكان تدارك ذلك عن طريق دراسة البرنامج الحكومي وتوقع الأحداث، فضلاً عن إمكانية التعديل لاحقاً.
مشروع الموازنة يشير ايضاً إلى الواقع الاقتصادي الريعي الذي يعتمد على النفط، الذي تشكل ايراداته (117ترليون دينار)، بالمقارنة من الإيرادات الأخرى البالغة(17ترليون دينار) وعدم التوازن بين شقي الموازنة، إذ تبلغ التشغيلية(150ترليون دينار) بالمقارنة مع الاستثمارية البالغة (47 ترليون دينار)، وجاء دعم القطاع الخاص عن طريق زيادة رأس المال المصرف الصناعي بمبلغ (400 مليار دينار)، ولا نعلم مدى كفاية هذا المبلغ، لقطاع أصبح ضروريا النهوض به، لخلق فرص العمل ومساهمته الفعالة في عملية التنمية، وفيما إذا سبق تحديد المبلغ المذكور تشاور الحكومة مع القطاع الخاص.
نأمل من الحكومة وهي في مستهل أول موازنة لها أن تعمل باتجاه تنوع الاقتصاد وإيراداته، والتخلص من الاعتماد على النفط، الذي حددت برامج وسياسات مكافحة الاحتباس الحراري سقوفا زمنية ملزمة للتخلص منه.