إدارة متناوبة للشركات الناشئة في أوكرانيا

بانوراما 2023/03/19
...

 جيمس كلايتون 

 ترجمة: مي اسماعيل                  

يقول “ليوبومير ديكون” ان نحو 95 بالمئة من موظفيه.. “ذهبوا للقتال”. ديكون هو المدير التنفيذي لشركة “جي ماك”؛ وهي شركة مقرها في اوكرانيا تختص بالأمن الوطني. تشبه فكرة الشركة نظام أمان المنزل في “أمازون رينغ-Amazon Ring”؛ ولكنها تعتمد على المواد النشطة. فقد صممت شركته تركيبا يبدو مثل صندوق أسود صغير مجهز بكاميرا؛

واذا ما تحسس الجهاز وجود متطفل سيقوم بإطلاق الغاز المسيل للدموع لردع أي سارق محتمل. 

يقول شعار الشركة الساخر: “أوكرانيا تعرف كيف تُدافع”.  غير إن الحرب خلقت له مشكلة ضخمة؛ فبيئة العمل التي أنشأها قد تدهورت ويعلق ديكون قائلا وهو يغالب دموعه: “فقدنا خمسة أشخاص”. 


تحديات الشروع

تمثل محاولة إنشاء شركة جديدة ناجحة في الأوقات الجيدة تحديا ضخما؛ لكن تلك المحاولة في زمن الحرب تشكل صعوبة تشبه العقوبة. 

القصف واستهداف البُنى التحتية وساعات الظلام ما هي إلا جزء من تحديات العمل في أوكرانيا اليوم. 

ومع ذلك فإن وفدا يمثل مجموعة من شركات أوكرانيا الناشئة قام برحلة طويلة الى لاس فيغاس في أميركا لحضور أكبر تجمّع تكنولوجي في العالم. 

وبالنسبة لهم تُعد مجموعة “CES” (معرض الإلكترونيات الاستهلاكية) فرصة كبيرة للقاء المستثمرين الغربيين؛ إذ ان مجرد الوصول الى المعرض كان أمرا صعبا.

 يؤكد “أرتيم دودينسكي” الشريك المؤسس لشركة “كورنر” لتصميم المطابخ على الانترنت قائلا: “تطلب مني الأمر ثلاثة أيام للوصول الى هناك”.  لا يُسمح للرجال الاوكرانيين تحت سن الستين بمغادرة البلد؛ لذا كان على دودينسكي الحصول على إذن خاص من السلطات الأوكرانية لحضور التجمّع. بالنسبة له كانت لوحات أضواء النيون المتعددة في لاس فيغاس مشهدا بعيدا كل البُعد عن أجواء العمل في كييف؛ حيث ينظر لوجود الكهرباء كشيء مترف؛ كما يسترسل قائلا: “أحيانا يقتصر يوم عملي على مدى شحن بطارية حاسبتي.. وقبل اسبوعين لم تصلني الطاقة الكهربائية بشكل متواصل لمدة ثلاثة أيام”. لكن دودينسكي وجد حلا من نوع ما؛ إذ كان لمحطة البنزين المحلية بقربه مولدا كهربائيا يمكنه الاعتماد عليه. 

واليوم بات مكتبه في الفناء الأمامي لمضخة البنزين؛ إذ إنها الطريقة الوحيدة ليتمكن ذلك المُبَرمِج من العمل. 

يقول دودينسكي ان شقته تخلو من التدفئة: “أنام في سريري بالقرب من كلبي؛ للحصول على بعض الدفء”. 


عقبات متنوعة

تعمل ماريانا رومانياك في شركة “ريكافا”، التي تُصنّع أدوات المائدة من حبوب البن القديمة. كان مقر الشركة قرب الحدود الروسية في مدينة “سومي” القريبة من خاركيف، وقد اتخذ شريكها في العمل قرارا صعبا بنقل الشركة عبر أوكرانيا لنحو 800 كم؛ الى مدينة “ليفيف”. علاوة على القصف وشحة الطاقة الكهربائية؛ بات من شبه المستحيل للشركات الناشئة ان تحصل على التمويل؛ كما تقول رومانياك: “يبدو أن الاستمرار بمتابعة العمل في أوكرانيا حاليا أمر في غاية الصعوبة؛ فجميع المستثمرين الكبار والشركات الكبيرة باتت تدعم الجيش”. بيد أن الامر لم يقتصر على الاخبار السيئة بالنسبة لشركتها؛ إذ تقول رومانيك لإن التواجد في ليفيف الواقعة قرب الحدود مع بولندا قد انعش التجارة فعليا: “بدأنا بالتفكير انه ربما كان من الأفضل لنا التواجد قرب الاتحاد الأوروبي؛ لإن بإمكاننا ايصال البضاعة بشكل أكثر سهولة”. أما شركة “إي فارم” فقد كرست عملها لمساعدة المزارعين الأوكرانيين على استخدام الأسمدة في حقولهم باستخدام تكنولوجيا الأقمار الصناعية. لكن الشركة حولت عملها خلال الأشهر القليلة الماضية؛ وتقوم الآن بتجربة التكنولوجيا التي يمكنها اكتشاف الألغام الأرضية. تقول “تاتيانا غورزي” من شركة “إي فارم” ان نحو ثلاثين بالمئة من الحقول الأوكرانية قد تلوثت: “اذا بلغت مساحة الحقول بضعة ملايين من الهكتارات؛ فمن الصعب جدا تدقيق كل شبر فيها”. 

يتطلع ديكون، وهو الرئيس التنفيذي لشركة “جي ماك”، إلى محاولة إنتاج وحدات الأمن المنزلي الخاصة به في الولايات المتحدة؛ إذ انها بالنسبة له فرصة حيوية للقاء المستثمرين المحتملين. العديد من اعضاء الوفد قدموا وجها شجاعا في وصفهم للحرب؛ آملين في النجاح. واذا نجحوا بعد كل التحديات التي ألقتها الحرب عليهم؛ فسيكون لديهم فرصة جيدة جدا للنجاح في أماكن اخرى أيضا. 


موقع “بي بي سي” البريطانية