رئيس الوزراء: معركتنا الكبرى مكافحة جائحة الفساد

العراق 2023/03/20
...

  بغداد: هدى العزاوي


قال رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، إن الحكومة رسمت برنامجاً طموحاً للنهوض بالعراق، وبينما أشار إلى عدم التهاون مع أي خلل قد يتسبب باستغلال أموال الشعب، أكد العزم على مكافحةِ جائحةِ الفساد، مبيناً أنها تمثل المعركة الكبرى.

ورحب السوداني، في كلمته أمس الأحد خلال افتتاح مؤتمر حوار بغداد الدولي بنسخته الخامسة، بالباحثين والأكاديميين والمتخصّصين الذين جاؤوا من كل مكان للمشاركة، عادّاً أن «ذلك يدل على أن العراق استعاد مكانته الطبيعية حاضناً للحوارات والمؤتمرات».

وذكر، أن «التحدي الأهمّ (بعد 2003) بدأ عبر اختيار دستورٍ دائمٍ يُنهي الحالةَ الشاذةَ التي سارَ عليها النظامُ الدكتاتوري، الذي صاغَ دستوراً مؤقتاً يوافقُ مزاجَه، من دون أي اعتبارٍ أو مراعاةٍ للحقوقِ الأساسيةِ لجميعِ العراقيين»، مشيرا إلى أن «العراقيين اختاروا في 15 تشرين الأول 2005، دستوراً دائماً يؤسسُ للمواطنة».

ثم تطرق السوداني إلى المراحل الصعبة التي عانى منها الشعب العراقي طيلة العقدين الماضيين، وصولاً إلى احتلال «داعش» الإرهابي لمدننا وما تلاه من إصدار فتوى الجهاد الكفائي ومعارك التحرير، وتابع «بعد أن عبرنا المحنة، كانت آثار التلكؤ واضحة، وأخذت الشكوى من سوء الإدارة وهدر الأموال بالتنامي، وشهدنا الكثير من علامات السخط إزاء عدم قدرة مؤسسات الدولة على الإصلاح والقيام بواجباتها، وبعد مخاضٍ عسير، خلالَ سنواتِ ما بعدَ التحرير، جاءت حكومتنا الحالية.» 

وبين أن «الحكومة الحالية رسمت برنامجاً طموحاً وشاملاً يعملُ على النهوضِ بالعراق، والسيرِ بهِ نحوَ استثمارِ كلِّ ثرواتهِ وطاقاتهِ وتوظيفها لتعويضِ ما فاتهُ من سنواتِ الخراب»، وشدد، بالقول: «لنْ نتهاونَ مع أيِّ تراجعٍ أو تلكؤٍ أو خللٍ قد يتسببُ باستغلالِ مالِ الشعبِ لمصالحَ ذاتيةٍ أو حزبيةٍ أو فئوية، فالثروةُ الوطنيةُ ملكُ العراقيين جميعاً»، مؤكداً العزم «على مكافحةِ جائحةِ الفساد، تلك المعركةُ الكبرى التي إنْ تهاونّا فيها خسرنا كلَّ معاركِنا الأخرى».

إلى ذلك، قال وزير النفط حيان عبد الغني: إن «هناك اتفاقات مع منظمة (أوبك) باعتبار العراق ثاني منتج للنفط في المنظمة، ونحن ملتزمون بها»، مبيناً أن «الوزارة ملتزمة بقرارات المنظمة حول تصدير النفط والتخفيض بنحو 220 ألف برميل يوميا لغاية نهاية 2023 بحسب الاتفاق».

وأضاف عبد الغني خلال جلسة حوارية بمنتدى بغداد للحوار، أن «العراق يحرق كميات كبيرة من الغاز وما يتم استثماره هو 56 % من المنتج»، مشيراً إلى أن «معظم الغاز المنتج حالياً هو مصاحب مع النفط الخام، لذلك فمع زيادة إنتاج النفط هناك زيادة بإنتاج الغاز ولكن يجب أن تكون لدينا منشأة كفيلة باستثمار الغاز للاستفادة منه وخاصة بتجهيز محطات الكهرباء».

وكشف عن «خطة طموحة لاستثمار الغاز وخاصة في الحقول الجنوبية، الذي يحرق الآن»، لافتاً إلى أن «شركة غاز البصرة المشتركة مع شركة غاز الجنوب وشركة شيل، تستثمر الغاز بنسبة تصل في اليوم إلى ألف مليون متر مكعب».

وأشار إلى أن «هناك أكثر من 10 رقع استكشافية واعدة ومعظمها غازية»، موضحاً أن «الوزارة بصدد إعداد وتحضير حقيبة المعلومات لهذه الحقول، بأمد لا يتجاوز الشهر السابع من هذه السنة للإعلان عنها».

وانطلقت أمس الأحد، أعمال مؤتمر حوار بغداد الدولي بنسخته الخامسة، الذي ينظمه المعهد العراقي للحوار ويستمر يومين، بمشاركة عشرات الشخصيات السياسية المحلية والعربية والأجنبية.

وتعليقاً على انعقاد مؤتمر حوار بغداد الدولي وما يمثله من أهمية لصالح استعادة العراق لدوره الحيوي في احتضان المبادرات الإقليمية والدولية، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية النيابية، الدكتور مثنى أمين، في حديث لـ»الصباح»: «لقد مارس العراق دوراً أساسياً في تقريب وجهات النظر بين المملكة العربية السعودية وإيران، لكون العراق يشكل جسراً بين الطرفين من الناحية الجغرافية والسياسية والمذهبية»، منوهاً بأنه من «مصلحة العراق والمنطقة أن تنتهي الصراعات بين البلدين الجارين».

وأكد أمين أن «العراق إذا ما استعاد مكانته الطبيعية واستقراره وسيادته كاملة فبإمكانه حل الكثير من النزاعات لامتلاكه موقعاً ستراتيجياً كبيراً في المنطقة، فضلاً عن الثقل السكاني والاقتصادي والسياسي وبالتالي يمكن أن يمارس هذا الدور بالفعل».

ومن جانبه، بين المحلل في الشأن الدولي، الدكتور حيدر سلمان، في حديث لـ»الصباح»: «لقد اتجهت جميع الحكومات العراقية نحو تصفية الأزمات في المنطقة بعد عام 2003، خاصة أن جميع الحكومات تتفق على أن تصفية الأزمات في المنطقة تؤدي إلى استقرار العراق وتحديدا العلاقة بين المملكة العربية السعودية وإيران لما لهما من تأثير كبير ومباشر في الوضع الداخلي في العراق»، مبيناً أن «التفاوض الذي حدث بين الدولتين كان لبغداد جزء كبير في نجاحه، والواضح أن هذا سيتمدد لمصالحة بين باقي الدول وقد يكون جزءا منها إيران – أردن، إيران – مصر، وتركيا - سوريا».

بينما بين السياسي المستقل، عمر الناصر، لـ»الصباح»: أن «الدور  المحوري للعراق ليس بجديد، فهو لعب أدواراً كبيرة في الريادة وحل الخلافات بين دول المنطقة، وحان الوقت لعودته ضمن مصاف النفوذ العربي والإقليمي لما له من إمكانيات وطاقات وموارد اقتصادية وبشرية تساعد على تحقيق هذا الهدف»، وأشار إلى أن «جميع الظروف أصبحت مواتية هذا اليوم لاستثمار العراق فرصة التقارب السعودي الإيراني وتسخير ذلك لمصلحة البلد بشكل خاص والمنطقة بشكل عام، كخطوة جادة لإعادة الأمن والاستقرار والازدهار 

الاقتصادي الشامل».

وتابع: أنه «بعد أن كسرت بكين الجليد بين الدولتين (إيران والسعودية)، أصبحت الفرصة مناسبة لبغداد لتذويبه من خلال احتضانها لقمم ومؤتمرات دولية واقليمية تعيد العلاقات  الدبلوماسية إلى سابق عهدها، على  اعتبار أن العالم بدأ يتغير والمستقبل القادم ومركز الثقل والتوازن الدولي سيكون لدول منطقة الشرق الأوسط».

بدوره، قال المحلل السياسي، الدكتور عباس الجبوري، في حديث لـ»الصباح»: إنه «دائماً ما وضع العراق نفسه خارج سياسة المحاور الدولية لكنه كان مكاناً للحوارات والحوار، وخير دليل على ذلك ما دار بين المملكة العربية السعودية وإيران، فالعراق يعتبر من الدول المفصلية التي لها تأثيرها في الشرق الأوسط على مستوى المنطقة العربية والإقليمية والدولية، فضلاً عما يمتلكه من إمكانيات».

وأضاف، أن «على ساسة العراق أن يستثمروا المؤتمرات والحوارات التي عقدت لصالح العراق، وأن يجعلوا من تلك الزيارات المتكررة والمتبادلة بين المسؤولين العراقيين والعرب لخدمة الشعب، وذلك من خلال التباحث وعقد الاتفاقات السياسية والاستثمارية وكل ما يصب في مصلحة العراق».


تحرير: محمد الأنصاري