موائد الإفطار تغزو السوشيال ميديا وتفقد الشهر مقصده

اسرة ومجتمع 2023/03/25
...

  سرور العلي 

اعتادت العشرينية فاطمة مهدي أن تلتقط صوراً لأطباق الطعام والحلوى، التي تقوم والدتها بإعدادها في شهر رمضان المبارك، وتوثيقها في منصات التواصل الاجتماعي، في حين تبدو الأم منزعجة من سلوك ابنتها، وتعتقد أنها عادة دخيلة على مجتمعنا لم نألفها سابقاً قبل انتشار التكنولوجيا والسرعة باستحداث الوسائل الرقمية، التي باتت تتحكم بنمط حياتنا اليومية.

هوس

ويرى الموظف أحمد فاضل أن تلك الظاهرة أصبحت هوساً، وأن هذا السلوك يفقد الشهر الكريم مقصده وقيمته، والتوجه نحو مظاهر التباهي والتفاخر أمام الفقراء والمحتاجين، والتبذير والاستعراض في اظهار الموائد الرمضانية، ومن دون الشعور بما يعانونه، لذلك ينبغي الإفطار بصمت بعيداً عن الواقع الأفتراضي في مواقع التواصل الاجتماعي، ومراعاة ما يمرون به هؤلاء من ظروف قاهرة.


ركن مهم 

الحديث عن الصيام وعن شهر رمضان المبارك وعن فضائله هو الحديث عن ركن مهم من أركان الدين الاسلامي، وعن عبادة سامية من العبادات التي فرضها الله تعالى على عباده المؤمنين، حيث تتحرر فيها إرادة المؤمن من اغلال الشهوات والملذات.

وبحسب التربوي إياد مهدي عباس الذي أوضح أن فريضة الصيام جاءت ركنًا من أركان الدين ليست عند المسلمين فقط، بل حتى في الديانات السماوية الأخرى، وذلك لِما للصوم من آثار روحية وجسدية كبيرة على الصائم، فهو يُعلّم الإنسان الصبر، وينمي فيه ملكة التحمل ومجاهدة النفس وتهذيب الروح، ويقوي لديه الاحساس والشعور بالآخرين، لا سيما الفقراء منهم، من خلال شعور الصائم بالجوع والعطش، وكذلك يذكره بجوع وعطش يوم القيامة، حينما تحشر الخلائق للحساب والوقوف بين يد الخالق جلا وعلا، فالآثار المرجوة من الصيام تتجاوز مساحة الامتناع عن الطعام والشراب، وممارسة الملذات التي اعتاد عليها المسلم في حياته اليومية، لذلك جعل الله شروط يجب توفرها عند القيام بعبادة الصوم، كي تقبل هذه العبادة العظيمة من الصائم، فمن شروط صحة الصوم وقبوله هو تحقق الهدف الإلهي من وراء فرض الصيام الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز. 

مضيفاً

«لذلك فمن الضروري الابتعاد عن كل ما هو مخالف لمفهوم التقوى، وعن كل ما يفسد صوم الصائم، ويبطل أجره، كما جاء في الحديث عن النبي الأكرم (رب صائم ليس له من صيامه، إلا الجوع والعطش ورب قائم ليس له من قيامه إلا السهر».


 سلبيات 

ومن بين الظواهر السلبية التي ظهرت مع ظهور السوشيال ميديا، والتي قد تفسد صوم الصائم وتعيق بلوغه مرتبة التقوى، وعدم نيل رضا الله تعالى هو ما يقوم به البعض من نشر أنواع الأطعمة والمشروبات في هذا الشهر المبارك عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ولفت عباس إلى أن تلك الظاهرة، هدفها التباهي في اظهار الترف والإسراف والتفاخر في صنع هذه الأطعمة المتنوعة، ونشرها أمام مرأى ومسمع الصائمين، غير مبالين بمشاعر الآخرين، وبخاصة الفقراء منهم من أن يشاهدوا هذه الأصناف من المأكولات، وهم غير قادرين على شرائها وتوفيرها لأسرهم، ومن ثم وقوع اصحاب هذه المنشورات بالمحظور والمنهي عنه، وبالتالي خسرانهم ثواب هذا الشهر الفضيل، بسبب ما يقومون به من نشر غير لائق، وخارج عن الذوق السليم للصائم، فعلى الصائم أن يكون حذرا من بعض التصرفات والالفاظ التي يطلقها في شهر رمضان المبارك، وفي كل أيام حياته، إلا أن لهذا الشهر خصوصية كبيرة تجعل المسلم أكثر التزاما وتواضعا من باقي الشهور، وأن يفهم أن الصوم هو صوم الجوارح، وليس الامتناع عن الطعام والشراب فقط.