قصر عمره 4500 عام يحمل مفتاح الحضارة القديمة

بانوراما 2023/03/25
...

  توبي توماس

  ترجمة: حميد ونيس


إلى الجنوب من بغداد وعلى بعد 350 كيلومترا تقريبا، وصل علماء الآثار لرؤية أثر سومري قديم، كانوا يظنون أنه كومة تراب، لكنه ظهر أثرا لقصر ومعبد سومري قديم.. إذ يصف عالم الآثار الدكتور سيباستيان راي المعبد السومري المفقود في مدينة جيرسو القديمة بإنه يشكل مع المدينة «مهد الحضارة ومسقط رأس المجتمع الحضري» على الإطلاق.
وكان العالم راي قد تبنى المشروع الذي اكتشف القصر البالغ عمره 4500 عام في العراق الحديث. ويرى أنه يحمل مفتاح مزيد من المعلومات، حول واحدة من أولى الحضارات المعروفة. 

فقد تم اكتشاف قصر «اللورد» لملوك المدينة السومرية جيرسو (هذة التسمية اطلقها علماء الاثار في المتحف البريطاني- المترجم) الواقع الآن في منطقة تيلو، جنوب العراق من خلال العمل الميداني العام الماضي على يد علماء آثار بريطانيين وعراقيين، وإلى جانب من موقع جيرسو، تم اكتشاف كذلك أكثر من 200 لوح مسماري، تحتوي على سجلات إدارية للمدينة القديمة.

وتحدث راي عن أنه عندما طرح المشروع لأول مرة في المؤتمرات الدولية لم يصدقه أحد مستذكرا: «قال لي الجميع بشكل أساسي، «أنت تختلق الأمر، وتضيع وقتك، وتهدر تمويل المتحف البريطاني» هذا ما كانوا يقولونه لي». 

وتعد مدينة جيرسو واحدة من أقدم المدن التي اكتشفتها البشرية في التاريخ والتي بناها السومريون القدماء، الذين اخترعوا الكتابة في حدود سنة 3500  قبل الميلاد، وبنوا المدن الأولى وأنشؤوا اول مسلة للقانون. ويذكر أنه تم اكتشاف هذه المدينة القديمة لأول مرة قبل 140 عاما، ولكن الموقع كان هدفا للنهب والحفريات غير القانونية.

وياتي الاكتشاف نتيجة لمشروع جيرسو، وتعاون بين مؤسسات متخصصة بالاثار، منذ العام 2015، من قبل المتحف البريطاني وبتمويل من متحف جيتي ومقره مدينة لوس أنجليس الأميركية. 

والى جانب اكتشاف القصر والألواح، تم تحديد المعبد الرئيس المخصص للاله السومري (نينجيرسو).

 إذ لم يكن وجوده معروفا قبل هذا العمل الميداني الرائد، باستثناء النقوش القديمة المكتشفة ضمن أول حفريات ناجحة للمدينة القديمة. يتبع المشروع المخطط العراقي بتمويل بريطاني بعد تدمير مواقع التراث الهامة في العراق وسوريا من قبل تنظيم داعش الارهابي. ومنذ بدء المشروع، تم تدريب أكثر من سبعين عراقيا  لفترات مختلفة من العمل الميداني في المدينة السومرية جيرسو.


جهدٌ مشترك

وتشير الاستكشاف إلى أن السومريين سكنوا منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط القديمة في بلاد ما بين النهرين، وشهدت المنطقة العديد من التطورات التقنية خلال العصر السومري، بما في ذلك قياسات الوقت وكذلك الكتابة. ووفقا لهارتويغ فيشر، مدير المتحف البريطاني الذي وصف جيرسو بقوله «كان موقع المدينة القديمة في جنوب العراق «واحدا من أروع المواقع التي زرتها على الإطلاق، واضاف: «يمثل التعاون بين المتحف البريطاني ومجلس الدولة للآثار والتراث العراقي ومتحف جيتي الأميركي، طريقة جديدة حيوية لبناء مشاريع التراث الثقافي على المستوى العالمي. ويؤكد فيشر تواصل التزام المتحف البريطاني طويل الأجل بحماية التراث الثقافي للعراق وبدعم البحوث المبتكرة، وتدريب الجيل القادم من علماء الآثار العراقيين في جيرسو. واضاف أن معرفتنا بالعالم السومري لا تزال محدودة، لكن العمل في جيرسو واكتشاف القصر والمعبد المفقود يحملان إمكانات هائلة لفهمنا لهذه الحضارة المهمة، وتسليط الضوء على الماضي وإبلاغ المستقبل».

قد لا يكون السومريون القدماء معروفين جيدا كحضارة مثل المصريين القدماء أو اليونانيين، ولكن وفقا للدكتور تيموثي بوتس، دليل متحف جيتي، فإن جيرسو «ربما تكون واحدة من أهم المواقع التراثية في العالم، التي لا يعرفها سوى عدد قليل جدا من الناس». مضيفا أنه من خلال المعارض والابحاث والمنشورات، يسعى متحف جيتي لتعزيز فهم التراث الفني والثقافي العالمي والحفاظ عليه، فقد كان العالم القديم محور تركيز خاصا لبرامج المتحف في جيتي فيلا، إذ يوفر البرنامج المبتكر دعما حاسما لموقع جيرسو الأثري المهم بشكل فريد، من خلال تدريب المتخصصين العراقيين المكلفين بتطويره في علم الآثار والسياحة المستدامة».

وكان السومريون من سكان بلاد سومر، وهي أقدم حضارة معروفة في منطقة وادي الرافدين التاريخية، جنوب العراق الحديث. ووفقا للأدلة الأثرية، قام السومريون ببناء نحو 12 دولة مدينة خلال الألف الرابع قبل الميلاد. 

وتم اكتشاف جيرسو، التي تقع في منطقة تيلو، لأول مرة قبل 140 عاما، وكانت مهمة لأنها كشفت لأول مرة للعالم عن وجود الحضارة السومرية، فضلا عن تسليطها الضوء على بعض المعالم الأكثر حيوية للفن والعمارة في وادي الرافدين. 

وكان السومريون روادا قدماء على مستوى العالم، إذ إنهم وبعد أن تقدموا في اختراع الكتابة قاموا بتدوين بعض الآثار الأدبية وترانيم الصلوات. وقاموا ببناء أول مدن معروفة بالإضافة إلى إنشاء أول مدونة قانون معروفة. كما اتقنوا العديد من صنوف التقنيات الحالية، بما في ذلك العجلة والمحراث والرياضيات. وتتكون ملحمة جلجامش، التي تعتبر أقدم قطعة أدبية في العالم، من خمس قصائد سومرية. 

صحيفة الغارديان  البريطانية