حرب الـ {تيك توك»

قضايا عربية ودولية 2023/03/25
...

علي حسن الفواز



الحرب على «تيك توك» الصينيَّة لم تعد حرباً ناعمة، ولا سياسة مضادة تكتفي بالحديث عن الأمن القومي الأميركي، بل أضحت جزءاً من السياسات الكبرى، والصراعات الكبرى التي تدور على الأرض، وبما يجعل الدعوات الغربيَّة والأميركية لحظر تطبيقاته محكومة بعوامل الخوف من هيمنة تلك التطبيقات على أسواق الاتصالات، وعلى الدخول في مشاركة البيانات التي تخصّ المؤسسات الحكومية في تلك الدول، وصولاً إلى الخوف من استخدامه لأغراض التجسس والدعاية، وهو ما دعا بعض البرلمانات الأوروبية إلى تشريع قوانين تمنع استخدام تطبيق «تيك توك» على أجهزة الموظفين العاملين في تلك المؤسسات الرسمية، كما في بريطانيا والنرويج، فضلاً عما تطالب به جهات أميركية من ضرورة الدعوة إلى أن تتخلى شركة «بايت دانس» المالكة لـ»تيك توك» عن علاقتها بالصين، أو أنها ستواجه «حظراً شاملاً» وهو جعل الأمر يتحوّل إلى قضية رأي عام، فأعداد المشتركين في تطبيقاته يزدادون بشكلٍ متسارع، لاسيما في الولايات المتحدة، إذ بلغ مستخدموه 150 مليون مشترك.

هذا الخوف العابر للنعومة بات مصدر قلق للسياسة الأميركية، ولتوجهاتها في كبح مسار الصين التجاري والتكنولوجي، وإثارة المخاوف بشأن طموحاتها السياسية والعسكرية، لاسيما ما يتعلّق بموضوع «تايوان» ودعم الصين لروسيا في الحرب الأوكرانية، ورغم أنَّ الشركة الصينية قدّمت وعوداً بالحفاظ على الأمن النفسي لـ»المراهقين» مدمني تطبيقات «تيك توك» وضمانات تخصّ الحفاظ على الطابع الاستثماري الاقتصادي والعلمي لتطبيقات «تيك توك» إلّا أنَّ ذلك يظل محطَّ شكوك كثيرة، ويخضع إلى قراءات أمنية وسياسية، وإلى حسابات تضع موضوع التنافس التكنولوجي أكبر من القضية التي تتعلق بالقيمة الاقتصادية، وبحرية التعبير، إذ تتبدى مظاهر الصراع الصيني الأميركي بشكلٍ واضح، من خلال الضغط السياسي الذي تقوم به جهات سياسية وأمنية، تسعى إلى حذف التطبيق، ودعوة المستثمرين إلى سحب استثماراتهم، أو إلى صياغة اتفاقية جديدة، تكون فيها أصول الشركة الصينية تحت السيطرة الأميركية، وهو ما أراد أن يفرضه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب، والذي كان ينظر إلى صراع أميركا مع الصين بأنه الصراع الستراتيجي الذي يهدد وجود «الأمة الأميركية».