اطلبوا الصلح ولو في الصين؟

آراء 2023/03/26
...




 د. محمد ساهي


شهدت الخارطة الإقليمية للشرق الأوسط خلال السنوات العشر الأخيرة عدم استقرار أمني وحدوث قلاقل وتوترات متواترة إلى جانب اصطفافات وتخندقات مع هذا الطرف أو ذاك وبدأت الأحداث أحياناً تأخذ منحنيات متصاعدة ومتسارعة تحولت في بعض الأحايين إلى مواجهات عسكرية مباشرة أو هجمات قتالية محدودة ومحددة بين دول ذات نفوذ في الإقليم الساخن اقتصاديا ًوأمنياً وعسكرياً؟ وأصبحت دول مثل العراق وسوريا واليمن ولبنان تمثل جبهة وميداناً لتحركات عسكرية وتصفية حساب بين أطراف عدة إقليمية ودولية و دفعت شعوب تلك الدول ضريبة باهظة وفادحة لتلك الحروب المفروضة عليها وأدت تلك الحروب إلى حدوث دمار كبير وتخريب للبنى الفوقية والتحتية وانهيار لاقتصاديات دول عدة وارتفاع خطير للدولار مقابل العملات المحلية، وتعد تركيا وإيران والسعودية صاحبة النفوذ والمتخاصمة والمتورطة بشكل مباشر أو غير مباشر في هذا الصراع أو ذاك، ما جعل المنطقة على صفيح ساخن، لا سيما الصراع الإيراني السعودي. 

وقد استشعرت الدبلوماسية العراقية مبكراً خطورة  انعكاس هذا الصراع على العراق والمنطقة وانطلاقاً من ذلك بذلت الحكومات العراقية المتعاقبة جهوداً حثيثة لجمع خصماء الدهر على طاولة واحدة في بغداد ونجح المسعى وشهدت جولات من المفاوضات استضافتها بغداد لبحث الملفات الساخنة المختلف عليها من قبل الدولتين، وتوجت المفاوضات بتوقيع اتفاق بكين للمصالحة بين إيران والسعودية برعاية القيادة الصينية بعد أن أيقنت الدولتان أن (الصلح هو سيد الأحكام) وأن استقرار المنطقة يصب في مصلحة جميع الأطراف في ظل حروب مستعرة (أبرزها الحرب الروسية الأوكرانية) والتي تسمع مدافعها في الجوار، وقد تشهد تطورات دراماتيكية لا يمكن التكهن بعواقبها ومصيرها وربما تتلظى منطقة الشرق الأوسط بأتون نيرانها، لذا فإن عقد اتفاق مصالحة في هذا الوقت الراهن يستحق الجهود التي بذلت وحتى عناء المعنيين في البلدين للذهاب في رحلة شاقة للصين من أجل توقيع اتفاق المصالحة، (اطلبوا الصلح ولو في الصين).