نوروز ثورة

آراء 2023/03/26
...

 نوزاد حسن 


 عيد الربيع أو نوروز ليس عيداً عادياً، هو عيد سياسي قبل كل شيء، لنقل هو عيد الحرية كما يحتفل به الشعب الكردستاني.

وفي المأثور الشعبي الذي يروى أن ثائراً يعمل حداداً استطاع أن يقتل الملك الظالم، ومن هنا ارتبط النوروز ومعناه اليوم الجديد باحتفالات قومية لها طابعها الكردستاني الخاص. 

 لعيد الربيع مضمون سياسي واضح، هكذا أحب النظر إلى هذه المناسبة التي بدأت تأخذ شكل عيد قومي.

وقد يكون الجانب الثوري في نوروز ملهماً جداً لمن يحتفل بهذه المناسبة. 

ولعل السؤال المركزي في حكاية عيد نوروز يدفعنا لطرح هذا الهاجس: إلى أي حد نحن في حاجة إلى انقلاب أخلاقي جديد يغير طبيعة حياتنا السياسية التي تعاني من مطبات كثيرة أهمها الفساد الذي أضاع أموالاً طائلة دون أن ننتفع بها. 

لكن نوروز المدن قصير العمر، وسرعان ما ينطفئ في أيام قليلة. 

بكلمة أدق يفقد الربيع هويته في فضاء مدينة مثل بغداد حيث الصخب والزحام وفوضى عبور الشوارع.

في مثل هذا المسرح البغدادي تفقد نسمات الربيع الباردة جزءاً كبيراً من نعومتها ثم يداهمنا هواء ساخن يعلن عن حضور الصيف فصلنا الاستثنائي المعروف. 

في الإقليم يختلف وضع الربيع وعيده، فهناك تخضر الأرض، وتفوح رائحة العشب، ويتحول كل شيء إلى منظر ساحر لمن يعرف كيف يحس بلمسات عيد الربيع. 

لا أظن أن الكثيرين خبراء في الانتباه إلى الجمال العفوي الموجود من حولنا. 

في الغالب ننشغل عن رؤية زهرة تنبت على الرصيف، أو نتوقف فوق جسر لننظر إلى فلاح يعمل في أرض صغيرة يزرعها بحرص وكأنه يلمس روح الأرض.

وكثيراً ما نتجاهل باقات الخباز وهي تنتشر في كل مكان من المدن. 

لسنا خبراء في مراقبة الواقع لكننا خبراء في حديث السياسة وثرثرتها التي لا تنتهي.

لذا أنا أقول أن المرض الذي لا نشعر بأعراضه الخطيرة هو ذلك الحديث الذي يأخذنا إلى صراعات كلامية طويلة. 

إننا كائنات سياسية مدمنة على حديث يومي مكرر يتعلق بإصلاح لا يتحقق.

نبقى نتجادل عن إنجازات هذا وذاك وفي النهاية لن نحصل على شيء. 

فهل نفقد بعد أعوام قدوم الربيع لأن الصيف الساخن سيبلعه إلى الأبد بسبب التغير المناخي الذي سنواجهه بعد سنوات قليلة.