علي حسن الفواز
الرهان على حرب الاستنزاف في الصراع الروسي الأوكراني يعني الذهاب إلى الحافات الحادة، وإلى تحويل هذا الصراع إلى مأزق دولي وإنساني، لاسيما بعد التطورات الخطيرة في الوقائع العسكرية والمواقف السياسية، وفي دعوة بريطانيا إلى تزويد الجيش الأوكراني بقذائف مزودة باليورانيوم المُنضّب. هذا التصعيد دفع الرئيس بوتين إلى الإعلان عن نشر أسلحة نووية تكتيكية على أراضي "بيلاروسيا" الحليفة لموسكو، عبر تخصيص عشر طائرات حربية لاستخدام مثل هذه الأسلحة، كردٍ على إجراءات الولايات المتحدة بنشر تلك الأسلحة على أراضي حلفائها في أوربا، فضلا عن تهديده بالرد عبر استخدام قذائف اليورانيوم في حال قيام بريطانيا بتزويد الأوكرانيين بها، وهو إجراء سبق أن حذّر منه نائب رئيس مجلس الأمن القومي الروسي ديميتري ميدفيديف، الذي دعا إلى تجنّب توسيع مساحة الأخطار، مع الإشارة إلى "أن استمرار الغرب بتسليح أوكرانيا سيؤدي إلى اقتراب نهاية العالم بصراع نووي، مؤكداً ضرورة إنشاء مناطق منزوعة السلاح داخل أوكرانيا".
تصريحات القادة الروس، تقابلها تصريحات ساخنة من الرئيس الأوكراني بيلنسكي، يُحرّض فيها الغرب على دعم قواته، وتزويده بالأسلحة غير التقليدية، لكي يحقق ما سمّاه بالانتصار في حرب باخموت وغيرها، وبصدد المفاوضات والحلول السلمية، فإن التشكيك بالمبادرة الصينية، يضع علامات استفهام حول الجهات التي تدفع الصراع إلى "حرب الاستنزاف" وإلى تحويل الأراضي الأوكرانية إلى مشجب مفتوح للأسلحة، وإلى ميدان اختبار لأنواعها التقليدية والفتّاكة، وربما النووية، تحت يافطة العمل على إلحاق الضرر بستراتيجيات روسيا الجيوسياسية والاقتصادية في العالم. هذه الحرب المفتوحة بدأت تتجاوز الواقع، وتفتح أبواب الاحتمالات على "نهايات غير سعيدة" وإلى إيجاد بيئات تتسع فيها مظاهر العنصرية والكراهية والعنف الاجتماعي، وصولا إلى التورط بصراعات قد تُهدد الأمن المجتمعي العالمي، والقيام بأعمال تُنتهَك فيها حقوق الإنسان، لاسيما بعد نشر تقارير أممية تتهم فرقاء الحرب بتنفيذ إعدامات خارج سياقات نظام أسرى الحرب بين البلدين.