أميركا تتوعد بفرض رسوم جمركية على أوروبا

اقتصادية 2019/04/15
...

بروكسل / كاظم الحناوي
 
هدد الرئيس الامريكي دونالد ترامب الاتحاد الأوروبي من جديد بفرض رسوم جمركية على دوله، في حال لم يوقف بعض الإعانات إلى شركة (إيرباص)، ما قد يطيح بهدنة تجارية هشة بين الطرفين.
جاء ذلك بعد ان رسم حادث سقوط الطائرة الإثيوبية من طراز بوينغ 737- MAX العديد من إشارات الاستفهام حول كفاءة الطائرة بوينغ، وحول مدى مصداقية شركة بوينغ بشكل عام، خصوصا أنه الحادث الثاني لنفس الطراز من الطائرة خلال مدة 
قصيرة.
 
الاقتصاد الأميركي
أبعاد هذه الكارثة لم تتوقف عند استمرار إنتاج الشركة لهذا النوع من الطائرات، أو على الخسائر التي تتكبدها بوينغ من إلغاء عقود تزويد وصيانة الطائرة، بل قد تمتد إلى الاقتصاد الأميركي نفسه، لكون بوينغ من أكبر الشركات 
الأميركية.
لذلك بالتأكيد أن شركة بوينغ ستكتسب سمعة سيئة بعد هذه الحادثة، والشركة المنافسة إيرباص أثبتت أن طائراتها أكثر أمانا، لذلك سيكون هناك تأثير مؤكد على الاقتصاد الأميركي.
فيما أعلنت شركة إيرباص لصناعة الطائرات أمس تعيين الفرنسي جيوم فوري رئيسا تنفيذيا للشركة وسط تطلعاتها للاستفادة من المشاكل التي تعانيها منافستها الأميركية بوينج والحد من تأثيرات بريكست وتهديدات الرئيس الأميركي
 التجارية.
 
صناعة الطائرات
وسيخلف فوري (51 عاما) توم آندرز، الذي استقال بعد خمس سنوات من قيادة الشركة، التي مقرها فرنسا وتوظف 129 ألف شخص في صناعة الطائرات والمروحيات والأقمار
 الاصطناعية.
وأشرف آندرز على توسيع الشركة، ولكن فترته خيم عليها القرار الأخير بوقف إنتاج طائرات إيه 380 سوبر جمبو العملاقة التي كانت تمنى بخسائر، والتحقيقات المتعددة في الدفعات المالية المشتبه بها. وأثار مبلغ التقاعد، الذي حصل عليه اندرز الألماني وقيمته 37 مليون يورو (41 مليون دولار) جدلا في فرنسا ووعدت الحكومة بأنها ستصدر قرارا يحد من الدفعات الكبيرة، التي تقدمها
 الشركة.وسيرث فوري شركة وضعها المالي قوي وتحقق أرباحا كبيرة ولديها طلبات لنحو 7350 طائرة تكفي لتشغيل مصانعها لعشر سنوات بوتيرة الإنتاج 
الحالية.
 
سوق الطيران
ويرى المحللون أن أمام إيرباص فرصة لتحقيق الأرباح من سوق الطيران المزدهر، خاصة في آسيا، ومن وقف طائرات بوينج 737 ماكس في عديد من دول العالم بعد حادث تحطم طائرتين من هذا 
الطراز. وبحسب الاتحاد الدولي للطيران (إياتا) فإن آسيا ستشهد أكبر نمو في قطاع الطيران خلال السنوات العشرين المقبلة، حيث سيأتي أكثر من نصف المسافرين من تلك المنطقة. وسيواجه فوريا عددا من المشاكل من بينها التعامل مع تداعيات قرار بريطانيا الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي يهدد بعرقلة سلسلة إمدادات الشركة الطويلة 
والمعقدة.
وتعد الولايات المتحدة مصدر قلق آخر لمجموعة إيرباص بعد أن انتقد ترمب الاتحاد الأوروبي مرة أخرى بسبب دعمه المالي لإيرباص وتوعد بفرض رسوم جمركية جديدة على السلع الأوروبية.
ولأكثر من عقد تبادلت بروكسل وواشنطن الاتهامات بتقديم الدعم المالي لـ(بوينج) و(إيرباص)، وخاضت معارك عديدة في منظمة التجارة العالمية، التي تشرف على تنفيذ القوانين التجارية.  وقالت المفوضة الأوروبية لشؤون التجارة سيسيليا مالمستروم، أنه في حال فرضت الولايات المتحدة من جديد رسوما جمركية على الاتحاد الأوروبي، فإن الاتحاد سيرد
 بالمثل.
 
اتفاق التبادل
وجاء رد مالمستروم بالمثل على تهديدات أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، خلال زيارة إلى طوكيو للاطلاع على وضع اتفاق التبادل الحر بين الاتحاد الأوروبي واليابان الذي دخل حيز التنفيذ في مطلع شباط الماضي.
و قال ترامب : تؤكد منظمة التجارة العالمية أن الدعم المالي للاتحاد الأوروبي كان له أثر سلبي على الولايات المتحدة التي ستفرض الآن رسوما على ما قيمته 11 مليار دولار من البضائع الأوروبية لان الاتحاد الأوروبي يستغل الولايات المتحدة في مجال التجارة منذ سنوات.. هذا يجب أن يتوقف على حد وصفه.
إلى ذلك، صرحت مالمستروم ردا على سؤال خلال مؤتمر صحفي مشترك مع وزير الخارجية الياباني تارو كونو: إذا أرادوا فرض رسوم جمركية علينا، سنرد بالمثل. وأضافت لكنني أعتقد أن ذلك سيشكل تصعيدا مؤسفا للغاية في علاقاتنا التجارية، مشيرة إلى أن الاتحاد الأوروبي مستعد للجلوس إلى الطاولة لإجراء محادثات كاملة مع الولايات المتحدة بشأن هذا الموضوع. من جهته حذر مصدر في المفوضية الأوروبية من أن هذه الأخيرة تنوي (اتخاذ إجراءات سريعة) 
للرد. وتشكل هذه التهديدات مرحلة جديدة من النزاع القديم العهد منذ 14 عاما بين بوينغ وآيرباص، عبر الولايات المتحدة وأوروبا اللتين تتبادلان التهم أمام منظمة التجارة العالمية بتقديم مساعدات غير قانونية
 لشركتيهما.
 
تكتل اقتصادي
لان المنافسة ما بين الإيرباص والبوينغ هو نتاج لهيمنة شركتين على سوق صناعة الطيران المدني الضخم منذ عام 1990، وهو أيضا نتيجة لفشل عدد من عمليات الاندماج والتعاون بين العديد من شركات صناعة الطيران خلال تلك السنين. الإيرباص بدأت حياتها بتكتل اقتصادي، في حين استحوذت البوينغ على منافسها الرئيس ماكدونال دوغلاس عام 
1997.
 بعض الشركات مثل لوكهيد وكونفير انسحبت من سوق الطيران المدني بسبب عدم رضاها على أرقام المبيعات، في حين كان انهيار الكتلة الشرقية حوالي عام 1990 قد وضع صناعة الطائرات السوفييتية بموقع غير المرغوب به. كل ذلك وضع كلتا الشركتين بما يسمى الاحتكار الثنائي  لسوق الطيران التجاري العالمي
 الضخم .
وقد كافحا لنيل أفضل أرقام مبيعات كل سنة. لذلك فحدة المنافسة بينهما تصل لدرجة أن كليهما يتهمان بعضهما البعض بأنه يأخذ إعانات رسمية غير عادلة من طرف
 حكوماتهم.