الإهمال يهدد شارع الرشيد بالاندثار

الصفحة الاخيرة 2023/04/01
...

 بغداد: سجى رياض


شارع الرشيد، أقدم شوارع بغداد، وأبرز معالمها، بات اليوم عرضة للاندثار، حاله حال العديد من المواقع الأثرية والتراثية، نتيجة الإهمال وغيره من عوامل الطبيعة، التي بدأت تقضم عشرات المباني التراثية، بما تحمله من ذكريات وتاريخ يسرد قصصاً لشخصيات وفعاليات بغدادية.


عند التجوال سريعاً في الشارع المحاذي لنهر دجلة، والذي يبدأ من منطقة الميدان والباب المعظم، وينتهي عند مدخل شارع أبي نواس، ستجد حجم الإهمال الذي يعاني منه على مدى أعوام طويلة..

فسوق الهرج، وجامع الحيدر خانه، مروراً بتمثال الشاعر عبد الغني الرصافي، والشورجة ثم السوق العربي، فضلاً عن مبنى البنك المركزي، وتمثال عبد الكريم قاسم، ثم حافظ القاضي، وعقد النصارى.. مواقع تحول أغلبها إلى اطلال تحاكي المارة بتهالكها، وما تبقى منها يهدده الانهيار في أية لحظة، ليطوي بذلك تاريخ الأمس القريب، ويمحو ذكريات بغدادية كانت حتى وقت قريب عالقة في أذهان الآباء والاجداد. يقول علاء حميد، وهو صاحب محل لبيع الساعات في شارع الرشيد، إنه: ورث مهنة بيع وتصليح الساعات من والده، مبيناً أن الإهمال المستمر من قبل الجهات المعنية، يشكل خطراً على وجود هذا الشارع، وربما سيؤدي في يوم ما إلى غلقه، بدلاً من أن يكون معلماً شاخصاً يتوسط العاصمة، لما يتمتع به من موقع جغرافي، وإرث حضاري.

ويضيف: لطالما كان هذا الشارع مزاراً وقبلة لآلاف الزائرين من داخل العراق وخارجه، ومركزاً تجارياً مهماً، "نراه اليوم يشكو حاله لمن يحمل هموم هذا الموقع المهم"، وفقاً لتعبيره.  وتداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً صوراً لانهيار أحد المباني التي يعود تاريخها إلى أكثر من 115 عاماً، الذي كان عبارة عن مسرح يقع في منطقة تدعى "خان المدلل" في ساحة الميدان. لقد باتت هذه المواقع وغيرها عرضة لعوامل الطبيعة، التي تهدد عدداً غير قليل منها في عموم العراق.

وتقول مدير عام المتاحف السيدة لمى ياس الدوري إنه: من الممكن الحفاظ على الاثار داخل المتاحف من خلال التحكم بدرجات الحرارة والرطوبة، إلا أن هذه الاجراءات لا تجدي نفعاً مع المواقع التراثية والاثرية، التي باتت عرضة للانهيار والاندثار بفعل عوامل الطبيعة. وتشير إلى أن المياه الجوفية تشكل أحد أبرز التحديات التي تهدد المواقع التراثية، نتيجة تداخلها مع أسس المباني، "وهي مشكلة لم يجد الجيولوجيون حلاً لها"، حسبما تؤكد.

كما أن التصحر يتسبب هو الآخر بإلحاق أضرار جسيمة بالمواقع الاثرية والتراثية، فضلاً عن تأثير حبات الرمل في العواصف الرملية المتعاقبة، وفقا للدوري.

يذكر أن العراق يضم أكثر من 14 ألف موقع اثري وتراثي مسجل، تعود إلى حقب زمنية مختلفة، يمتد بعضها إلى ستة آلاف عام. وتعرض عدد غير قليل من هذه المواقع إلى تجاوزات وسرقة آلاف القطع الاثرية خلال الاحداث التي رافقت سقوط النظام السابق عام 2003. وتضيف مديرة المتاحف: فضلاً عن التجاوزات وأعمال السرقة، فإن العامل الزمني أسهم هو الآخر في فقدان العديد من المواقع الاثرية والتراثية، نتيجة تأثر أسسها من المعادن إلى أكسدة، والخشب إلى التآكل، وهو ما حدث مع منزل الشاعر الكبير بدر شاكر السياب في البصرة.