لبنان والحلول العربيَّة

قضايا عربية ودولية 2023/04/01
...

علي حسن الفواز

يمكن للحالة اللبنانيَّة أن تكون كارثة عربيَّة أخرى، وأن تجعل من الدولة في لبنان خارج "الاستعمال" لأنَّ ما يجري في هذا "البلد الشعري" يكشف عن رثاثة الحديث عن "التضامن العربي" وعن سرديات الرومانس العربي، فالكلّ يتفرج على "المهزلة" وعلى سقوط المؤسسات في معاركها الاقتصادية والسياسية، ولا شيء في الأفق سوى الرعب والبطالة، والمديونيات وسقوط العملة الوطنية، وفشل الحكومة والمصارف في وعودها بتحسين الخدمات، ودفع الرواتب، أو بمنح المودعين استحقاقاتهم المالية. 

العطالة المؤسسية لم تعد مرهونة بالفشل السياسي فقط، بل باتت مكشوفة على مشكلات من الصعب التجاوز على حالتها الواقعية، فالإضرابات بدأت تشلّ الحياة في لبنان، وآخرها ما يحدث من إضرابٍ مفتوح لموظفي الاتصالات، والذي سيهدد بتعطيل خدمات الهاتف والإنترنت، فضلا عن تداعيات ذلك على عزل لبنان عن العالم، وحتى دعوة وزير الاتصالات للطلب من رئيس الوزراء نجيب ميقاتي تسلم الجيش لهذا القطاع، سيكون جزءا من "الكارثة" لأنه سيعني العمل على عسكرة المؤسسات، بما فيها قطاعات الكهرباء والمصارف والبلدية، وبالتالي إنهاء الحياة المدنية في لبنان، وإخراج "صوت فيروز" من خدمته الشعرية العامة، وفرض سلطة المعسكر على مدنية الشارع. 

الموقف العربي من لبنان مخجل جداً، وهو ما يُعيد إلى أذهاننا المفارقة في الموقف الغربي من اليونان، بعد أزمة الديون الحكومية عام 2010، فكانت هناك "حُزم" إنقاذ استمرت خمس سنوات، من دول الاتحاد الأوروبي، ومن صندوق النقد الدولي. فهل ثمة مبادرة عربية لحماية لبنان من الوقوع في فخ الكارثة؟ وهل هناك موقف يتجاوز "العقدة السياسية" في لبنان، لغرض المساعدة على وضع حلول عقلانية لها؟.

البحث عن الحل يعني تأمين وجود الإرادة، مثلما يعني وجود المسؤولية، وأحسب أنَّ العمل على اتفاق عربي- عربي، لحُزم إنقاذ، ولو بالحدود الدنيا، سيجعلنا أكثر ثقة بـ"التضامن العربي" وبدور "قممنا العربية" في إمكانية تدوير استعمال مفهوم الأمة، وفي تحريك أدوار أبنائنا في مواجهة الأزمات الكبرى، وفي التحرر من عقدة "الأخ الكبير" كما يسميها جورج ارويل لكي نكون أكثر شجاعة في الوقوف مع "الأخ الصغير" في محنة حروبه وانكساراته الداخلية.