جهودٌ كبيرةٌ لحماية الشباب من المخدرات

ولد وبنت 2023/04/03
...

  بغداد: عواطف مدلول 



تتواصل الجهود والمساعي العديدة للحد من ظاهرة تعاطي المخدرات، بعد أن باتت تشكل خطرا كبيرا على الشباب، وذلك ما جعل التوتر يسكن البيوت العراقية ويشتد جرّاء خوف الأسر على أبنائها، من مصادر تلك الآفة، التي انتشرت بطريقة أثارت قلق الناس.


وزارة الثقافة والسياحة والاثار من ضمن الجهات، التي اهتمت بوضع برنامج للتوعية والإرشاد بخصوص تلك الظاهرة، حيث نظم مركز الدراسات والبحوث فيها مؤخرا ندوة  ثقافية بعنوان  (تجارة المخدرات.. البعد السياسي والأمني والاجتماعي). 

باشراف وكيل وزارة الثقافة والسياحة والاثار الاستاذ قاسم السوداني الندوة ابتدأت بكلمة الدكتور اسماعيل سليمان مدير مركز الدراسات والبحوث، ومن ثم تمَّ توزيع ادوارالحديث للاوراق البحثية بين الاساتذة المشاركين، من قبل الدكتورة إيناس القباني معاون مدير مركز الدراسات والبحوث التي ترأست الندوة، والتي اكدت بدورها الدور الثقافي والاعلامي، الذي تقوده وزارة الثقافة للحد من هذه الظاهرة.

وكان الحديث عن المحور السياسي للموضوع للدكتور ايمن احمد محمد الشمري رئيس قسم الدراسات الستراتيجية في مركز الدراسات الستراتيجية والدولية بجامعة بغداد، حيث ذكر بعض اسباب انتشار المخدرات بالعراق في السنوات الاخيرة، موضحا أن منظومات الضبط تعاني من الضعف بالرقابة، إلى جانب الفساد السياسي والإداري، الذي أصيب به النظام السياسي بشكل نظمي بمعنى أنه دخل بكل مؤسسات الدولة، إضافة إلى عدم ضبط الحدود مع دول الجار، واتساع دائرة التهريب في العراق، وعوامل اخرى كثيرة تطرق لها الشمري خلال حديثه بالندوة، مختتما ببعض الحلول التي ممكن أن تسهم في انقاذ البلد من تلك الكارثة.

اما الجانب الامني فقد أضاء العقيد مرتضى حسن زيادي مدير قسم العلوم الجنائية والمختبرات في المعهد العالي للتطوير الأمني والإداري بعلمية تخصصية ومهنية، آليات الحد من الظاهرة وسبل مكافحتها، وأطلق عليها تسمية الوباء وربما اشد من هذا المصطلح، لأنها استفحلت بالمجتمع بشكل كبير، حيث قدم  شرحا وافيا عن انواع المخدرات، وتاريخ انتشارها والمواد القانونية الرادعة لكل من يتعامل بها، وكذلك المراحل التي يمر بها المتعاطي للوصول إلى الأدمان، معللا وجود العراق بموقع جغرافي تحيط به مجموعة من المتغيرات والمعطيات، التي تشير الى تنوع نشاطات الشعوب والبلدان من حوله، فهو يقع بين المناطق المنتجة للمخدرات والدول المستهلكة لها، وقد كان يشكل سابقا ممرا لعبورها من خلاله، لكن تحول إلى مستهلك ايضا. 

فضلاً عن ذلك  أشار إلى العلامات التي يجب أن تلاحظ من قبل جميع شرائح المجتمع، لمراقبة ذويهم كأعراض التعاطي والادمان وشرح اهمها، لتكوين فكرة عن تغير بعض السلوكيات وتدارك الامر في حال وقع التعاطي لا سمح الله، لذلك نحتاج الى توعية المجتمع بجميع شرائحه، لتكوين دفاعات اولية للكشف المبكر عن هذه الافة لدى ابناءنا

كما وضح مخاطر تعاطي (الكرستال) الصحية المصاحبة لتغير سلوكيات المتعاطي، نتيجة لتاثيرها المباشر في الدماغ، وكذلك دورها في حدوث مسببات لأمراض سرطانية، وتبديل أنماط المتغيرات الحيوية للجسم، مؤكدا أن الادمان على المخدرات ينتج عنه عقما لدى الرجال.

من جهته حذر الاخصائي بعلم النفس احمد مزاحم هادي الانباري في مركز النهرين للدراسات الستراتيجية من الانعكاسات النفسية لتناول المخدرات ليس على الشخص المتعاطي فحسب، اذ إن الجميع يعرف ما هي عواقبها عليه، لكن المشكلة الكبرى تكمن بالتاثيرات الاجتماعية على العائلة، التي ينتمي لها المتعاطي، خاصة أنها أخذت تتعدى حدود فئات عمرية معينة، وأضحت ملجأً للشباب والأطفال، وكذلك النساء ايضا، كما أنها لم تعد تقتصر على بيئة الجهل والفقر، اذا لا نتفاجأ اذا وجدت بحوزة الأسر الميسورة والمثقفة وهذا ما حصل بالفترة الاخيرة.

مشيرا إلى نقطة مهمة جدا بالموضوع، وهي الوضع الحرج للأسرة من مسألة الاستشفاء، وهذه هي المشكلة والعائق التي تواجههنا بالوقت الحالي، بحيث لا تستطيع الأسرة الاعلان عن ابنها المدمن، لخوفها من الوصمة الاجتماعية، وذلك ما تدفعها لعدم مراجعة الاطباء من أجل معالجته إلى أن تتفاقم حالته، وبذلك يبقى يعاني أفراد الاسرة من انتكاسات وحالات نفسية جراء التفكير بعواقب تلك الازمة بالبيت،  فيعيشون القلق والتوتر المستمر خشية من القاء القبض على المدمن، ويتحول الأمر إلى فضيحة، خاصة اذا المتعاطي رب اسرة.

الانباري كشف بأن هناك تقارير تبيّن أن أغلب من يجرب المخدرات هم من سن 18 ، ومرحلة المراهقة ايضا، العمر الذي تحصل فيه تغيرات هرمونية داخل الجسم، ويكون في الغالب يحب أن يقلد الآخرين خارج أسرته، لأنه متشبع من البيئة الداخلية بالمنزل، ذاكرا بعض علامات المدمن، ومنها اهمال مسؤولياته اليومية، والخوف من التحاليل الطبية، وترك أصدقائه، تراكم الديون أو السرقة من أسرته.

واختتم الانباري ببعض الوصايا اهمها تنفيذ حملات تثقيفية بين فترة وأخرى، حث خطباء الدين بالابتعاد عن تناولها، وتوضيح أضرار المخدرات من الناحية الدينية، الاهتمام بتثقيف  المرشدين والتربويين في المدارس بخصوصها، وملء فراغ الشباب ببرامج ونشاطات تعد من قبل الأسرة والوزارات والجهات المختصة التي تعنى بشؤونهم.