غالبا ما ننظر الى بلدان اخرى من ناحية التطور والعمران والتآخي والتأقلم بين افراد مجتمعاتها، فنبدأ بالتذمر والانزعاج وتوجيه اصابع الاتهام الى القائمين على رعاية بلدنا، ولا نعلم اننا نتشارك في تقصيرنا تجاه مجتمعنا العراقي كوننا لا نرغب بتحمل المسؤولية، ليس الغاية من كتابة تلك الاسطر الدفاع عن سلبيات الحكومة بقدر ما هي محاولة لتصحيح اخطاء شائعة في المجتمع، لنرتقي كباقي دول
العالم .
دعونا نتحدث بصراحة، هل ان البلدان التي ننظر اليها تهين اطفالها بطرق مباشرة او غير مباشرة مثلنا؟ هل تركتهم يواجهون مصيرا مجهولا بين ازقة وشوارع بلدانهم يوما ؟ هل تحمّل صغيرهم مسؤوليات كبيرهم مثلما نرى وجود تلك الحالات في اغلب العوائل ؟ هل تركوا الاطفال يعملون ليأكلون ؟ تساؤلات كثيرة يجب على الاسرة والمجتمع طرحها لذاتها
اولا.
أصبحنا نخشى الوقوف في التقاطعات المرورية لأننا حتما سنجد العشرات من اطفالنا يتجولون كباعة لكن في الحقيقة هم مشردون ضائعون تائهون، فنتظاهر اننا نغض الطرف عنهم ونبدأ بالتذمر من تلك الحالة التي باتت تشكل سهما من اسهم التخلف، وفي النهاية نقول ان بلدنا يتراجع يوما بعد اخر، فنلقي باللوم على الحاكم وننسى دور الاسرة الكبير في تبني رعاية اطفالها
وتعليمهم.
يبدو أننا نسينا ان اطفال الشوارع هم انفسهم يشكلون نسبة لابأس بها من شباب الغد، فلايمكن تركهم تائهين في زمن التشرد ولا يُعقل لبلد ان ينمو ويتطور بلا علم وتعليم، لانه في حقيقة الامر ان اطفال الشوارع خارج اسوار
المدرسة.
ربما ينزعج البعض من مصطلح اسوار، لكنها في الحقيقة المدخل لقضية اخرى باتت تُسهم في ارتفاع نسبة التخلف والتشرد في البلاد، لدرجة اننا نشاهد حالة جديدة في الحياة المدرسية وهي التعرض الى الطلبة الصغار في المدارس الابتدائية للضرب والشتم والتوبيخ من قبل معلميهم او الكوادر الموجودة داخل سور المدرسة، وهو سبب اخر يجعل الطلبة يكرهون المقاعد الدراسية ويتوجهون للشارع لعدم قدرتهم على العمل بسبب طبيعتهم الجسمانية
الضعيفة.
ارجو ان يعلم الجميع ان التعليم كالدين يعتمد ويستند على الترغيب بعيدا عن الترهيب، وهنا نتساءل هل مدارسنا تُرغب اطفالنا ام تُرهبهم ؟ والاهم من ذلك اننا يجب ألا ننسى دور المنزل في تطور البلدان، لانه ببساطة اطفال اليوم الذين يتربون في بيوتهم بأساس وتنشئة قوية هم انفسهم سيقودون البلاد يوما ما، فعلى الجميع ان يتذكر انه عندما يُهين طفل فكأنه يُهين بلده بعد
حين .