زيد الحلي
رحماك ربي.. "مولان" تحت الانشاء، ينهاران فجأة في بغداد والانبار هذا الأسبوع، فماذا سيكون الحال لو حدث هذا الأمر المروع، عند اكتمالهما، وفي أروقتهما آلاف الأسر؟ أكيد ستحصل مجزرة إنسانية... إن يدي الآن على قلبي، بشأن مباني المولات المنتشرة في البلاد، وهي تستقبل يومياً الأسر للتبضع وقضاء الوقت والسمر.. رحماك ربي.
اتساءل: إلى أي مدى تبقى ظواهر الأشياء تسحبنا إلى تداعياتها، وننسى تحليلها، حتى أصبح هذا الأمر سمة عراقية بامتياز.. لن أعدد الظواهر السوداء التي جعلتنا نعيش في اجوائها، فهي كثيرة، ودلت على أننا كمجتمع ودولة، لا شأن لنا بحراك التقدم الذي لفَّ العالم في كل جزئيات الحياة..
إن أمر هذه الانهيارات ينذر بخطر كبير، ويشكل علامة استفهام، بشأن أي مبنى حديث أو قيد الانشاء يمر من امامه المواطن، فلقد أصبح الموضوع ظاهرة، يتندر بها المواطنون، غامزين من قناة الحكومة كونها تتم تحت علم هيئات الاستثمار ودوائر امانة بغداد وبلديات المحافظات.. فهي من تمنح اجازات البناء، وتوافق على تصاميمها، وبالتالي هي من يجب أن تراقبها، وقبل ما حدث "للمولين"، فجعنا بفقدان أسر بأكملها في بغداد والمحافظات جراء سقوط سقوف منازلهم، ودعوا الحياة على حين غرة، وقد مرت هذه الاخبار المحزنة بسرعة، دون اكتراث حكومي، وقرأ أهالي الضحايا سورة الفاتحة على أرواحهم الطاهرة، وارجعوا الأسباب الى القدر المحتوم، ناسين ما هو أهم.. نسوا أن معظم الابنية التي شهدت المأساة، لم تكن قديمة، بل هي مشيدة قبل مدة قريبة، لكن مواد البناء كانت مغشوشة، لاسيما مادة الاسمنت التي شاهدنا آثارها، حين عرضت بعض الفضائيات صورا للمباني المنهارة، وهي وسط أكوام من أسلاك التسليح ومن الطابوق الحديث الذي تفكك عنها الاسمنت، فاقداً تماسكه.
إن مواد البناء المغشوشة، سرطان يسري في جسد مشاريع البناء الحديثة بدءًا من الحصو والرمل وأسلاك التسليح والجص والطابوق والاسمنت حتى ادوات التأسيس الكهربائي.. انها معضلة، ستتكرر نتائجها المؤلمة في قابل الأيام والسنين، لاسيما نحن نعيش فورة بناء واسعة في المدن والقصبات من قبل الأسر الباحثة عن مأوى آمن، بعيداً عن غول ارتفاع الايجار.
لننتبه قبل فيضان الانهيارات.. فإنني أراها قريبة، لا سمح الله!