بغداد: نوارة محمد
في بواطن شاشات الهواتف الذكية نواجه أفظع أنواع البشر، هؤلاء يظهرون كمشاركين وأصدقاء ومؤيدين لمحتوى، لكن سرعان ما يتخلون عن لطفهم لأي سبب كان، ويظهرون وجوههم الحقيقية، وحين لا يصلون إلى مبتغاهم ينقلبون إلى كائنات عنيفة
ومتطفلة.
ناتالي ساكس اريكسون، التدريسيَّة في جامعة فلوريدا، وجدت أن الناس الذين تعرضوا لأي نوع من أنواع السب أو الشتم، لديهم أعراض الاكتئاب والقلق أكثر من 6.1 ضعف من أولئك الذين لم يتعرضوا لهذه الهجمات، ويتضاعف احتمال معاناتهم من اضطرابات القلق أو المزاج السيئ في حياتهم أكثر من غيرهم.
وفي دراسة أخرى أجريت في جامعة نيو هامبشير في أميركا شملت عينات كبيرة العدد اتضح أن 10 بالمئة من الاشخاص تعرضوا للعدوان اللفظي.
إليزابيث برو الكاتبة في صحيفة تايمز البريطانية وصفت الصراع الالكتروني بأنه "تلك الحرب الإلكترونية، التي لا تقل بأي شكل من الأشكال عن الهجمات المسلحة".
عراقياً.. يبدو الأمر في منتهى الفوضى، وهو يتخذ مسارات عدة، أهمها التطفل وعدم القدرة على بناء علاقات سليمة أساسها التعارف والمشاركة، فأغلب الذين يستخدمون مواقع التواصل يعمدون إلى التحرش أو القيام بهجمات لفظية تحط من قيمة الأخر ومنهم من يستمتع ببث السموم والتنمر بلا أي سبب معقول.
وتقول نهى الربيعي، وهي شابة اكتفت بدراستها الاعدادية إنها أغلقت كل حساباتها، حتى وهي تستخدم اسما مستعارا، لأنها لم تحتمل الطاقة السلبية التي تبثها هذه المواقع من خلال الاعتداءات اللفظية وسوء التعامل.
أما جنان نبيل فقد كانت لها تجربة قاسية، حيث راحت ضحية لابتزاز أثر تبادل بريء للصور.
تقول جنان "لم أتخيّل قبلها وجود هذا السوء في المجتمع حتى في وسط المتعلمين، ويبدو أن الناس المحترمين غادروا البلد وتركوه للذئاب البشرية".
وأوجدت مواقع التواصل الكثير من الجرائم، وبين الحين والآخر تظهر تقارير عن وزارة الداخلية العراقية حجماً متنامياً من الابتزاز الالكتروني، فضلا عن جرائم التشهير.
دائما ما نبرر هذا الأمر بأنه يمثل خللاً اجتماعياً بالغ الخطورة، إلا أننا لا نتحرك باتجاهه والأهم من هذا أن مواقع التواصل لا تتعرض فقط إلى النساء والشباب الصغار، وإنما تطول السياسيين وتنال من هيبة الدولة، وهي أفعال مشينة وتسيء إلى سمعة العراق.