بغداد: نوارة محمد
في مدينة الديوانية عام 1964 صرخت سلامة الصالحي صرختها الأولى. الشاعرة والأديبة، التي لُقبت بسفيرة النوايا الحسنة عُرفت كواحدة من المؤثرات في المجتمع العربي، الشاعرة التي كتبت "ذاكرة الجرح" و"أحلام الرماد"، و"غيمة الشيطان"، و"ثيابها ماء" و"غابة المسرات"، و"لوعة الذاكرة"، و"خطايا آدم" و"الصحراء تتجول في دمي".
وقالت عن فكرة الكتاب التي تؤرقها، وتتحين الفرصة لإنجازها: لا يزال مشروع كتاب يتناول نظرتي الفلسفية والتأملية للكون، وكيف يمكن الربط بين الأساطير الاولى للحضارات البكر، أو التأملات الأولى للآباء الفلاسفة والنظريات العلمية الحديثة، كالانفجار الكبير والنسبية والأوتار الفائقة، ونظرية الكم وتحليل القصص، التي جاءت بالكتب المقدسة، وكيف ممكن أن نربط بين هذا الثالوث، الذي حاول كل بطريقته الخاصة الإجابة عن اسئلة الإنسان الكبرى، حين نهض على قدميه، وقام ماشيا وخارجا من الغابة باحثا عن كينونته، ولماذا كان الشعر قراءة غير مباشرة للكون، أي قراءة من الداخل من الروح، التي لا تزال غامضة وغير مفسرة، حتى أننا نأتي لهذا العالم، ونغادر من دون أن نعرف لماذا، وكيف تحدث الصراعات الخفية بين قوى الحياة والموت، والتي غالبا يكون ضحاياها أولئك الذين تميزوا بالعبقرية، وكيف تجاهد قوى الحياة والجمال على البقاء عليهم، ثم تسرقهم بغفلة قوى غامضة. وتابعت: وأيضا هناك فكرة تلح علي وهي تطور الاجيال واستخدامات الدماغ البشري، وكيف لنا أن نفسر عدم قدرتنا على لمس أو رؤية الله، وهل نحن ضمن هذه الإلوهية، التي تتجسد في مظاهر الانسان والموجودات، هل نحن روبوتات بايولوجية خاضعة لمحرك خفي يتحكم بها، وماهي الأبعاد الاخرى، التي بالإمكان أن تصلنا بنا إلى الله.. وهل في الدماغ تكمن أسرارٌ كثيرة وقوى خارقة ممكن الاستفادة منها والتحكم بالكون، وهل خلقنا الخالق لهدف لا نزال أو لا يزال هو لم يصل إليه إلا عبر ترتبية الأجيال، ومتى يصل الانسان إليها. هل التصوف والاديان الارضية والتناسخ ممكن تعطينا اجوبة.. أين حضور اللا وعي وتجلياته الخفية.. هذا الكتاب يستلزم مني بحثًا طويل الامد، ودراساتٍ على كثرة ما درست وقرأت.. أجدني لا أزال ليس بمقدوري وضع منهجًا لكتابة هذا الكتاب، الذي هو حلم يراودني ويقض مضجعي، ويشعرني بنقص التجربة والإقدام عليها.