عبد الهادي مهودر
هل هناك سقف زمني لحسن (المسائل العالقة)، أم أنها معلّقة إلى آخر الزمان؟
وكم مرة وردت عبارة (المسائل العالقة) في اللقاءات والمباحثات السياسية والبيانات منذ سمعنا بها في العمليَّة السياسيَّة؟!
وكم ضاع من وقت وأريقت من دماء حولها؟
سؤال آخر وجهناه إلى السيد (گوگل) عن معنى (عالق) في اللغة العربية، ليطمئن قلبي لمعناها المعروف فأجاب مشكوراً (تعالَقَ يتعالق تعالُقًا فهو مُتعالِق) ويستعرض لنا سلسلة معانٍ ومشتقات ليس لها نهاية، وأمام هذه الدوامة تضطر أن تكتفي بنفسك وفهمك للمعنى، فالعالق أو المسألة العالقة هي مشكلة تمَّ تعليقها لاستعصاء الحلول على طريقة العراقيين، الذين يهربون من الحلول بانتظار المعجزات مع أن الحلول بأيديهم، ثم تقصد الدستور العراقي فتجده عبارة عن سلة كبيرة من المسائل العالقة، التي تنتظر تنظيمها بقانون ولا يأتي القانون ولا الفرج، وبعد مرور ثماني عشرة سنة على ولادة الدستور العراقي، بقيت المسائل العالقة عقدة في المنشار، وحالة أزمة قابلة للانفجار في أي وقت وموضع شد وجذب، وعلامة فارقة في وجه العلاقة بين الحكومة المركزية وإقليم كردستان، وغفر الله ذنب الذين وضعوا في الدستور عبارة (المناطق المتنازع عليها)، فقد قدموا النزاع على الحل، ولم يجهدوا أنفسهم بالبحث عن عبارة أرق منها وأقل حدة، مثل المشتركة أو المختلف عليها أو غير محسومة العائدية أو أية عبارة سلمية لا تضع العربة قبل الحصان، ولا تبعد الحلول والتسويات وتعلقها كل هذه السنين، وحتى لو كانت العبارة منقولة عن اللغة الانكليزية، فكان يمكن تعريبها وتكريدها وعرقنتها وتحبيبها إلى النفوس بعبارة تدل على أننا متسالمون في وطن واحد، والمسائل العالقة يدفع ثمن استمرار عالقيتها الدولة والمواطن، وبسببها تتوقف الموازنة المالية كل عام، حتى التوصل إلى تسوية حول تصدير النفط العراقي، وهذه المسألة كانت وما زالت من أهم وأخطر المسائل العالقة، ولكنها الوحيدة التي حلت في الأسبوع الماضي باتفاق موقع بين رئيس الوزراء ورئيس حكومة اقليم كردستان، ينص على استئناف تصدير نفط اقليم كردستان وكركوك عبر شركة (سومو)، وهو اتفاق يستحق وصفه بالتاريخي، لأنه الأول من نوعه الذي يوقف حالة اللا اتفاق على أهم مصدر لحياة العراقيين وإيراداته المثبتة في موازنات السنوات الثلاث، ولا ينقص هذا الاتفاق غير كونه اتفاقا مؤقتاً، على أمل عبور هذه المعضلة والوصول الى اتفاق دائم عبر إقرار قانون النفط والغاز، المعلق هو الآخر، لكنه اتفاق يكشف عن امكانية التوصل إلى حلول عاقلة لجميع المسائل العالقة، ومن سخرية الأقدار أن تكون لنا نحن أبناء الوطن الواحد بعد عشرين حجة سبع وسبعون معلقة أو أكثر، تخفي تحت رمادها الخلافات المؤجلة والمثبتة في الدستور بمفردات لغوية حادة، لكنها للأسف تلتقي في الاسم فقط مع المعلقات السبع والمذهّبات التي تحتار أيهما اجمل وتلتقي مع ذهول زهير بن أبي سلمى (وَقَفتُ بِها مِن بَعدِ عِشرينَ حِجَّةً فَلَأياً عَرَفتُ الدارَ بَعدَ تَوَهُّمِ).