عمان: يعرب السالم
"وسط البلد" هكذا يسمون مركز المدينة في عمان، إذ يزدحم المارة وأهل البلد والسياح والزوار من كل المحافظات الأردنية، فهو ليس مكاناً عادياً في شهر رمضان، فعبر شارع الملك "طلال" أطول شوارع عمّان وأكثرها ازدحاماً بالمشاة والمركبات، تعلو البهجة وجوه الصائمين وهم يحيون عادات قديمة ومتجددة، يسيرون على الأقدام في حركة دؤوبة طيلة النهار، وتنشط بشكل واضح بعد الإفطار وحتى ساعات متأخرة من الليل، يتبضعون ويتجمعون أمام المطاعم عند الإفطار ويتذوقون الأطعمة الشعبية، كالمنسف، وعرايس اللحم، والمسبحة، والقدسية، والفول، والكنافة، وغيرها من المأكولات التي تحمل نكهة عمانية خاصة.
وسط البلد قلب عمان النابض، والطراز العمراني الحجري المميز، تحتضنه بألفة جبال عمان السبعة، وأبرزها جبل القلعة، والجوفة، حيث تسود أجواء شهر رمضان وتتزين الشوارع وتعج بالأسر والأفراد شيبًا وشباباً، خاصة في ساعات ما قبل الإفطار، إذ ترى أثر الصِّيام على وجوه الكثيرين إذ تفيض منها نفحات رمضان الإيمانية.
ومع اقتراب أذان المغرب، تتسارع خطى الجميع لحجز مكان ما على طاولة في مطعم شعبي أو مطاعم الشوارع، وآخرون يفضلون الحصول على وجباتهم باليد عائدين إلى بيوتهم وسط ترتيل للقرآن الكريم من قلب المسجد الحسيني الكبير، قرب المدرج الروماني.
ويظل الشارع في حركة دؤوبة إلى ساعات الفجر الأولى بعد السحور، وتستطيع وأنت تتجول في وسط البلد أن تسمع جميع اللغات لأنه أشبه بقبلة لكل السياح لكثرة محال التسوق والمطاعم وبسطات الكتب والباعة والمقاهي ذات الطراز الشعبي القديم، طعم خاص مسكون بالعتاقة ورائحة خشب الأكاسيا الذي يغلف جدران المقاهي ويرسم على الوجوه ابتسامة الغرباء الخجلة.
