سزو بينغ تشان
ترجمة: خالد قاسم
سجل 900 مليون هندي للتصويت في الانتخابات العامة التي تستمر خمسة أسابيع، ووعد الحزب الحاكم لرئيس الوزراء ناريندرا مودي بجعل الهند ثالث أكبر اقتصاد عالمياً في العام 2030.
في الوقت نفسه، وضع حزب المؤتمر المعارض إيجاد الوظائف على رأس أولوياته. وخضعت سياسة الهند التجارية للتدقيق أيضاً، اذ يخشى البعض من عودة البلاد الى أساليبها الحمائية القديمة بسبب فرض رسوم جمركية عالية مقارنة بدول العالم.
أمضت الهند بعد استقلالها في العام 1947 عشرات السنين بمحاولة التقدم بدون تجارة دولية. وتخلصت البلاد من نموذج الانتاج المحلي لصالح التنافس المحلي بعد أزمة العملة في مطلع التسعينيات والتي أجبرت صناع القرار على طلب المساعدة من صندوق النقد الدولي.
قدم الصندوق المساعدة بشروط أهمها، يجب على الهند فتح أسواقها أمام الاستثمار الأجنبي وإزالة الحواجز التجارية ومحاربة البيروقراطية.
رأى كثيرون ذلك بداية لاعادة اندماج الهند بالاقتصاد العالمي، وربطت الليبرالية طيلة السنوات العشرين الماضية القوى العاملة الشابة والحيوية في الهند مع مؤسسات حول العالم.
تعد الهند من أكبر وجهات العالم بتوفير الموارد الخارجية، حيث يغذي عمالها أنظمة تكنولوجيا المعلومات ومراكز الاتصالات وتطوير البرمجيات. وساعد ذلك الهند بتحقيق فائض تجاري في السلع والخدمات مع الولايات المتحدة.
عندما استلم مودي الحكم عام 2014 وعد بتعزيز النمو المبهر لاقتصاد بلاده عبر زيادة تحرير الاقتصاد، واتخذت الحكومة الجديدة خطوات كبيرة لتسهيل عمل الشركات، فعلى سبيل المثال دمجت أكثر من 12 ضريبة بضريبة مبيعات وطنية واحدة ساعدت على انتقال السلع بسلاسة بين حدود الولايات، وسجلت علاقة مودي الودية مع زعماء العالم ورؤساء الشركات تحولاً كبيراً مقارنة برؤساء الوزراء السابقين.
مع ذلك، عندما يتعلق الأمر بالتجارة فلم يحدث تقدم مشابه، ويتهم البعض الهند بالسير عكس التيار. وكثيراً ما هاجم الرئيس الأميركي دونالد ترامب الرسوم الهندية على دراجات هارلي ديفيدسون النارية على الرغم من ازدهار التجارة بين البلدين في السنوات الأخيرة.
أشارت وزارة التجارة الأميركية في تقريرها الأخير عن عوائق التجارة العالمية الى الهند بأنها صاحبة أعلى رسوم جمركية بين اقتصاديات العالم الكبرى بمعدل يقترب من 14 بالمئة.
ويصف التقرير سياسة الهند التجارية بالغامضة وغير المتوقعة، ويقول أنها تترك الشركات الأميركية تغرق بالمعاملات الورقية.
اسهمت سياسات رئيسة مثل “يصنع في الهند” بجذب الاستثمار الأجنبي المباشر وفي الوقت نفسه تسعى لتعزيز التصنيع المحلي. ومن أجل انجاز ذلك، أقامت الهند حواجز تجارية ضد المنافسين، وكانت الشركات الغربية متعددة الجنسيات المستهدفة في الماضي، أما الآن فالصين هي التهديد
المباشر.
استغل الحزب الحاكم ميزانية العام الماضي لجمع رسوم استيراد على سلع مثل النظارات الشمسية وولاعات السجائر وعصير الفواكه لتقليل واردات الصين. وأمضت حكومة مودي السنوات الأربع الماضية بالدفاع عن برنامج الأمن الغذائي الهندي بقيمة مليارات الدولارات، وتراه عدة دول متطورة غير
عادل.
يتضمن البرنامج تقديم الحكومة اعانات كبيرة للمزارعين المحليين مقابل توفيرهم غذاء واطئ الكلفة للفقراء. لكن الولايات المتحدة ودولاً أخرى ترى أن ذلك يخرق قواعد منظمة التجارة العالمية بشأن حدود
الدعم.
يقول أحد المفاوضين السابقين في المنظمة: “تبرر الهند دعمها الزراعي بإدعائها أن أفقر مواطنيها يعجزون عن شراء الطعام، لكنها تحتفظ بأسوار جمركية كبيرة تمنع الواردات التي قد تخفض الأسعار.”
من غير المتوقع أن تشعر الهند بالقلق بسبب هذا الانتقاد لأنها أسرع الاقتصاديات الكبرى نمواً في العالم. ونجحت بإخراج ملايين البشر من الفقر منذ بداية الألفية، لكن التحديات مستمرة. وهناك خطر النتائج العكسية لسياستها الحمائية، ففي كانون الأول الماضي منعت الحكومة بائعي تجزئة أجانب مثل أمازون من عقد صفقات حصرية مع بائعي السلع المحلية، وأزعج ذلك الحكومة الأميركية التي تخطط لانهاء برنامج يسمح لبعض السلع بدخول المناطق الحرة الأميركية.
موقع بي بي سي