السلّة الغذائية.. تأخير بالتجهيز ومطالبة بالزيادة

ريبورتاج 2023/04/13
...

  وليد خالد الزيدي      

  تصوير: خضير العتابي

حينما بدأ المواطنون يتلمسون تحسناً ملحوظاً في حلول بعض مشكلاتهم اليومية، لا سيما في بعض جوانب مفردات البطاقة التموينية وفي طرق تجهيز موادها لمستحقيها الذين دائماً ما يتساءلون عن أسباب تأخر بعضها في مناطق ومنها بغداد العاصمة وغيرها، وما هي المشكلة الحقيقية في تلك المسألة، ولماذا أصبح المواطن عاجزاً عن توفير قوته بشكل يسير؟، وما الذي ينبغي أن تفعله المؤسسة الحكومية المعنية بتوفير سلته الغذائية وما حلول تلك المشكلات وطرق إنهائها؟.

يبدو أن هذه التساؤلات بحاجة إلى إجابات وافية، تكشف الأسباب الحقيقية وراء ما يحصل في بعض حلقات تجهيز مواد السلة الغذائية في عدد من مناطق البلاد، ومن أجل تسليط الضوء على أوجه تلك المسألة أجرت (الصباح) هذا التحقيق.


تأخير الخزن يؤرق الوكلاء

المواطن أحمد الزهيري من محافظة ديالى يؤكد أن إشكالية تذبذب ايصال مواد السلة الغذائية إلى المستحقين تتعلق بأمور فنية خاصة بعملية الخزن، قائلاً في حديثه لـ (الصباح) "بعض المواد الغذائية تكون متأخرة، وحينما نعاتب الوكيل يتعكز على مسألة التأخير من المخازن". وأضاف الزهيري: أن التأخير في الخزن طبعاً أمر غير صحيح وله انعكاسات سلبية كبيرة، لأن معظم مواد السلة الغذائية تبقى لفترة طويلة في المخازن حتى تكتمل كمياتها المخصصة لأي منطقة، وعند تكديسها في مكان واحد تتعرض إلى التلف وتكون نوعيتها رديئة وغير جيدة.

الدستور والمساواة بين الناس

ودعا المواطن نجم عبود من مدينة الصالحية في البصرة إلى تحسين نوعية مواد السلة الغذائية لكونها تهم جميع الأسر محدودة الدخل.

وقال عبود في حديث خص به (الصباح) إن "نوعية بعض المواد التي توزع في مفردات السلة الغذائية رديئة وهي تختلف تماماً عن نوعية ما موجود في الأسواق المحلية، لا سيما مادتا الرز والطحين، فمن المفترض أن تكون مواد السلة الغذائية من أحسن النوعيات المعروضة في الأسواق المحلية".

وأوضح أن "الأسر الفقيرة غير قادرة على شراء المواد الغذائية ذات النوعية الجيدة لكونها لا تمتلك القدرة الشرائية، ولهذا تكون تلك المواد حكراً لفئات اجتماعية أكثر ثراءً من غيرها وتلك المسألة تترتب عليها إشكالات قانونية، لأن دستور العراق عد موارد البلد وثرواته ملكاً لجميع أبنائه وليس لفئة معينة دون سواها، وهذا الحق مكفول لجميع العراقيين".   

    

التأخير يتعلق بالسوق العالميَّة

 المواطن عز الدين قاسم من بغداد يقول في حديث لـ (الصباح) :"السلة الغذائية تعد المصدر الرئيس للأسر العراقية، لا سيما ذات الدخل المحدود وهي تصل إليها بدعم حكومي كبير".

وأضاف قاسم أن "معظم الأسر العراقية الفقيرة تعتمد بشكل كبير على مواد السلة الغذائية، لا سيما تلك التي ارتفعت أسعارها في الأسواق المحلية كزيت الطعام ومعجون الطماطم والطحين، وكذلك مادة الرز التي يشكو مواطنون كثيرون من رداءة نوعيتها".

وأوضح أن "تأخير توزيعها قد لا يتعلق بالوزارة، إنما بحركة الأسواق العالمية والجهات الخارجية الموردة لها، لكن المواطنين يشعرون بالتذمر وهم بانتظار موادها لحاجتهم إليها واعتمادهم في قوتهم اليومي على ما يرد إليهم منها، بسبب ارتفاع أسعار جميع موادها في الأسواق المحلية لدرجة يصعب على الأسر الفقيرة شراؤها".


تحسين النوعية مطلب مشروع

المواطن حسين القره غولي من خان بني سعد يشير إلى "أهمية تسليم مفردات السلة الغذائية بوقت مبكر بدلاً من تكديسها في المخازن".

وقال القره غولي في حديثه لـ (الصباح) "أعتقد أن مشكلة تأخير تجهيز مواد السلة الغذائية لا تتعلق بالناقل كما يقول البعض إنما تتعلق بإدارة المخازن، فبعضها لا تعطي للناقلين الإذن بإرسال تلك المواد إلى الوكلاء حال وصولها إنما تكدسها لحين وصول جميع موادها".

وأضاف "أما مسألة تحسين نوعية موادها فهو أمر أصبح كالأحلام، لأن الأسواق تعج بالمواد الغذائية ذات النوعية الجيدة، بينما توزع وزارة التجارة بين المواطنين أغلب موادها من نوعيات غير جيدة خاصة الرز والطحين وحتى زيت الطعام من مناشئ لا تتمتع بالجودة".


توجه الحكومة لصالح الفقراء

المواطن علي التميمي من مدينة الكوت يقول: "إن التوجهات الأخيرة للحكومة تصب في صالح الفئات الفقيرة والمحتاجة، ومنها زيادة دعم مفردات البطاقة التموينية لكونها تعد أهم حاجات هؤلاء المواطنين لا سيما محدودو الدخل الذين يصعب عليهم شراء ما يحتاجونه من مواد غذائية رئيسة، وهي اجراءات جديرة بالثناء".

وأضاف التميمي في حديثه لـ (الصباح) "الملايين من أبناء الشعب هم من طبقات فقيرة، أما لكون أرباب الأسر عاطلين عن العمل أو معاقين أو كبار في السن أو مرضى ولا توجد لديهم رواتب شهرية أو موارد مالية مستمرة، فتراهم ينظرون إلى ما يأتيهم من الحصة التموينية كالمواد الرئيسة مثل الطحين والرز والسكر، لكن هذه المرة أضيفت إليها مواد أخرى وهي مهمة أيضاً كطحين الصفر وبيض المائدة وأخرى تدخل في اهتمامات وحاجات تلك الأسر، لكن بعض المناطق لم تصل إليها تلك المواد بشكل متواصل أو بوقت مناسب فبعضها تأخرت عن الفترة المحددة لتوزيعها".


البرنامج الحكومي وطموح المجتمع

وقال وكيل توزيع مفردات البطاقة التموينية حسين العبودي: إن "أغلب المواطنين يطالبون باستلام المفردات كلها دفعة واحدة بكامل كمياتها، ومع أن هذا الأمر هو جزء من حقوقهم لكن أغلبهم لا يعلمون  بسياق العمل الخاص بإكمال مواد البطاقة التموينية".

وأضاف العبودي في حديثه لـ (الصباح): ليتسنى التوزيع بشكل سليم يجب ألا تكدس كميات من كل مادة غذائية إلى وقت طويل في مخازن الوزارة، حتى لا تتعرض إلى التلف ويتم توزيعها بشكل مباشر، لكن هناك مشكلة تواجه تلك القضية وهي عدم وصول جميع المواد بشكل متزامن، فوصولها يكون بأوقات مختلفة ولكي نتلافى مشكلة تكديسها في المخازن وتأخيرها يتم توزيع بعض المفردات بشكل غير متزامن مع ما يرد فيما بعد"، موضحاً أن "المواطن غير مطلع على تلك المشكلة مع أنه يستحق تسلم جميع المواد وبنوعية جيدة ويرغب بإضافة مواد لها لتكون سلة غذائية متكاملة كما خططت لها الحكومة ويطمح لها جميع العراقيين ويرغبون بتسلمها مجاناً".


توجيهات الوزارة وانسيابية عملها

من جهتها أكدت وزارة التجارة ومن خلال مصدر إعلامي فيها على استمرار الملاكات بتجهيز المواطنين بالوجبة الثالثة من مفردات السلة الغذائية على مستوى مراكز المدن والأقضية والنواحي وبانسيابية عالية.

وقال المصدر: إن وزير التجارة أثير داود سلمان الغريري وجه باستمرار ملاكات الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية في بغداد وفروع المحافظات بتجهيز المواطنين بمفردات السلة الغذائية وعلى مستوى مراكز المدن والأقضية والنواحي بانسيابية عالية، وحسب ما مدرج بقوائم التوزيع، ونحن دائماً ما ندعو المواطنين للتوجه إلى مراجعة وكلاء المواد الغذائية في مناطقهم لغرض تسلم مواد السلة الغذائية والتبليغ عن المخالفات عبر خطوط ساخنة معلنة لدوائر الرقابة والتخطيط وقسم شؤون المواطنين والشركة.

وأضاف: أن ملاكات دائرة الرقابة التجارية والمالية في الوزارة تواصل تنفيذ جولات ميدانية في جميع المناطق وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية لمتابعة أسعار المواد الغذائية بالأسواق المحلية، ومنها ما أجرته فرق الرقابة في بابل وبالتنسيق مع مديرية الجريمة المنظمة في وزارة الداخلية وتمكنها من ضبط كميات لمواد مختلفة تدخل ضمن مفردات السلة الغذائية كالرز والبقوليات، فضلاً عن ضبط أكياس فارغة لغرض إعادة تعبئتها بالمواد وتحفظت المفارز الأمنية على الكميات المضبوطة لاتخاذ اجراءات قانونية بحق المخالفين.

وأوضح أن "دائرة الرقابة نفذت توجيهات وزير التجارة بالتنسيق مع شركة المواد الغذائية بإجراء زيارات ميدانية شملت مناطق متفرقة شرق بغداد لغرض توزيع المواد الغذائية بين الأسر المتعففة بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك وحتى ساعات المساء".


التوازن في أسعار السوق

وكان وزير التجارة قد حدد هدف وزارته في تعزيز ثقة المواطن بعمل الوزارة من خلال توزيع السلة لأكثر من (41) مليون مواطن عراقي وسعي الشركة العامة لتجارة المواد الغذائية للحد من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في السوق المحلية، وإيجاد حالة توازن في الأسعار التجارية.

وقال الوزير: إن "المناطق الأكثر فقراً توزع لها مفردات السلة الغذائية أولاً ثم بقية المناطق ويتم القطع والتجهيز وفق جداول وليس دفعة واحدة، وإن قضية عدم صلاحية المواد للاستهلاك البشري غير موجودة في عملنا لأننا لا نسمح إطلاقاً بتسلم مادة غير صالحة وهذا موجود أصلاً في كل عقود الوزارة، وحالياً تعاقدنا على الرز الاورغوياني والتايلندي والأميركي وهي أرقى المناشئ العالمية".