سعاد البياتي
الحديث عن القناعة مليء بالكلمات الحانية والمفردات التي تريح النفس، كلما لمسنا آثارها المعنوية، فهي كما وصفت بالكنز الذي لا يفنى، ولطالما الحياة مترعة بالتناقضات والأمور السلبية والايجابية لا بد أن يكون الرضا حاضرًا في كل جولاتنا اليومية واسلوب حياتنا، فامتلاء القلب بحب الله وحب أعمال الخير، يولد في نفوسنا القناعة بما كتبه الباري عز وجل لنا، وهو الإيمان بحد ذاته ليجعل من كل منا نصيبه ايا كان شكله وديمومته، فهناك الكثير من الأفراد يبحثون عن المال والجاه وربما السعادة، وهناك من يبحث عن المثل والاخلاق، وهناك من يبحث عن الاطمئنان النفسي، وآخرون يبحثون عن العمل الذي ينتشلهم من واقعهم، كل اولئك يلهثون وراء طموحاتهم، سواء تولدت القناعة ام لا، للوصول لمسار او طريق يرضي امنياتهم بشيء من الطمأنينة والراحة النفسية، التي تعيد اليهم نعمة الشكر، فعندما يقنع ويرضى بما منحه الله تعالى له فسيكون لسانه شاكرًا وحامدًا، وسوف يبتعد عن كل اشكال الحسد والتمرد وعدم الرضا والقناعة بالمقسوم، وهذا جل ما نتمناه للانسان الواعي الذي يتفهم النصيب والرزق وغيرها من الأمور الحياتية.
ومن الآثار المهمة والملموسة للقناعة هي نشر المحبّة والالفة بين المجتمع وحلول التعاون والترابط والتفكر بأحوال الفقراء والمعوزين ومعرفة احوالهم، فحينما يكون الانسان قنوعًا، سيدفعه هذا الامر الى تأمل حال من هم دونه، والذي يكون حافزًا قويًا لمساعدتهم وتفقد أحوالهم، ولن يسعى أي فرد يمتلك القناعة الراسخة أن يفكر بالاستيلاء على ما لا يملكه، بل يرضى بما قسمه الله سبحانه وتعالى له، ويكون مطمئنًا وراضيًا وبنفس كريمة وحانية على كل ما يمر به من منغصات وتبعات، لأنه قد امتلك ما قسمه الخالق إليه، حتى وإنّ مرَّ بظروف قاسية وصعبة، تجده يكثر من الشكر والحمد إرضاءً لمشيئة الله، وهو أرفع درجات العافية وأعلى مراقي العز والهيبة.
فلتكن القناعة صفتنا وسبيلنا نحو سؤدد الحياة الكريمة، ومرتعا لزمن تلوث بعاديات الاستحواذ لكل شيء، وإن لم يكن لنا فيه نصيب، فالحياة ليست منصفة دائماً، وزينة الغني الكرم وزينة الفقير القناعة وزينة المرأة العفّة، فمن لا يرضى بالقليل لا يرضى أبدا.