السودان وحديث النار

قضايا عربية ودولية 2023/04/15
...

علي حسن الفواز

يبدو أنَّ إمكانيَّة حدوث صراع عسكري داخل مؤسسة مجلس السيادة في السودان باتت مفتوحة على احتمالات واسعة، وأنَّ "الاتفاق الإطاري" الجامع للعسكر والمدنيين سيكون أكثر عرضة للفشل، وعلى نحوٍ سيجعل القوى المدنية السودانية وأحزابها أكثر قلقاً، وارتياباً بالحلول السياسية، وربما الأكثر تورطاً في حديث النار.

الخلاف بين قيادة الجيش السوداني وقيادة الدعم السريع سيضع التسوية السياسية في مهبِّ الريح، وسيقطع الطريق على تنفيذ "الاتفاق الإطاري" المُوقع بين العسكر والقوى المدنية، لأنَّ ما يحدث في الشارع من توترات، ومن انتشارٍ غير مسبوق لقوات "الدعم السريع" يشي بوجود خلاف عميق بشأن الإدارة السياسية، وبشأن توزيع الصلاحيات، والقبول بدمج قوات "حميدتو" قائد الدعم السريع بمؤسسة الجيش التي يقودها عبد الفتاح البرهان. 

تركيز القوى المدنية على تخلي القوات العسكرية عن الحكم، وإخضاعها للرقابة، وإجراء التحقيقات بجرائم الحرب، يصطدم بواقعٍ مُعقّد، فتاريخ الانقلابات العسكرية في السودان أوجد بيئة فرض فيها الجيش سلطته على الدولة ومؤسساتها، وأدخلت السودان في صراعات داخلية سياسية وأمنية وعرقية ودينية، أفقدته جنوبه "المسيحي" وما زالت هناك مناطق واسعة تعيش ظروف الحرب الأهلية، وهذا ما وجد انعكاساته على الواقع السوداني الصعب اقتصادياً وأمنياً وسياسياً. 

انتشار قوات الرد السريع في عدد من المدن السودانية، هو ما أثار الجدل مع قوات الجيش بشأن طبيعة هذا الانتشار، الذي وجد فيه فرصة للمطالبة بوضع قوات "الدعم السريع" تحت إمرة مؤسسته العسكرية، بعيداً عن الحصول على أي "امتيازات" عسكرية في إدارة البلد، وهو أثار حفيظة جماعة "الجنجويد" الذين يشكلون الأغلبية في قوات الدعم السريع، فدعوا إلى تحشيد قواتهم حول عدد من المؤسسات المهمة، مثل المطار، ومبنى الإذاعة والتلفزيون في الخرطوم. 

ما يجري في الشارع السوداني بعد هذا التصعيد، يعكس صعوبة البحث عن حلول واقعية، وعن ضعفٍ في إمكانية توحيد "القوى العسكرية" داخل مؤسسة واحدة، وبالتالي تأمين فرص حقيقية للانتقال الديمقراطي في السودان، لذا فإنَّ الانزلاق إلى الصراع العسكري سيفتح النار على الجميع، وسيضع الشأن السوداني أمام تدخلات خارجية لها مصالحها الدولية والإقليمية.