البطالة.. شبح يطارد الخريجين

ولد وبنت 2023/04/17
...

 سجى عماد

  مشاهد الفرح تسود الأجواء.. حفلات بأساليب غير تقليدية، وصور تذكارية يلتقطها الطلبة، وهم يستعدون لتوديع الحياة الجامعية، بعد سنوات من المذاكرة والمواظبة، تحدوا فيها قساوة الظروف التي رافقت سنوات الدراسة.  حمزة الفرطوسي، الطالب في المرحلة الرابعة كلية الاعلام، يعبّر عن فرحته بمناسبة قرب تخرجه، ليطوي رحلة دراسية استمرت ستة عشر عاماً.

ويستدرك أنه رغم أجواء الفرح التي يعيشها مع زملائه اليوم، الا أن ثمة شعوراً بالقلق ينتابه من مستقبل مجهول، قد يودي بحلمه في الحصول على 

وظيفة لائقة. 

عمر محمود خريج العام الدراسي الماضي، يقول إن المحسوبية تلعب دورا كبيرا في الحصول على وظائف سواء في القطاع الحكومي او القطاع الخاص. ويضيف أن الشهادة الدراسية لا تمثل اليوم اهمية سوى أنها تدرج ضمن السيرة الذاتية للباحث عن عمل، مؤكدا أن الخبرة هي المعيار الحقيقي للحصول على فرصة عمل.

 وتبين (سمية علي) أنها تخرجت في الجامعة المستنصرية منذ ستة أعوام، وأمضت هذه الفترة في البحث عن فرصة عمل سواء في القطاع الحكومي أو القطاع الخاص، لكن بلا جدوى. 

وتوضح سمية وهي خريجة علوم الحاسبات، أنه رغم المجال الذي تعمل فيه، والذي يتوافق مع متطلبات سوق العمل، إلا أنها لم تحظَ بفرصة حتى في شركات القطاع الخاص، بسبب كثرة اعداد الباحثين عن العمل، تقابلها قلة الفرص في الحصول على وظيفة. 

تشير احصائيات وزارة التخطيط، إلى 

أن (140 - 150) ألف طالب وطالبة يتخرجون سنوياً من الكليات والمعاهد، معظمهم لا يمتلكون فرصة للتعيين في دوائر الدولة، مع التضخم في أعداد الموظفين، يقابله ارتفاع في نسبة البطالة بين الشباب، هذه الأعداد من الخريجين تضاف الى العاطلين عن العمل من خريجي السنوات السابقة.

المتحدث باسم وزارة التخطيط عبد الزهرة الهنداوي يقول إن "نسبة البطالة في عام 2022 بلغت 5'16٪ وهي مرتفعة مما كانت عليه في السنوات السابقة، حيث بلغت في عام 2018 (13.8 الى 14) بالمئة. 

ويؤكد ان "نسبة البطالة بين الشباب الذين تتراوح اعمارهم من (18 – 35) سنة تبلغ تقريباً 22 % وتنخفض بعد فترة تقدم الأعمار، بينما تنخفض النسبة للاعمار 35 فما فوق، الى دون 15 %.

ويشير عبد الزهرة إلى أن الوزارة سجلت حتى الآن 3 ملايين و300 ألف موظف، ضمن مشروع المنصة الرقمية، وأن اعداد الموظفين الكلي يتجاوز هذا الرقم. وتُعد نسبة التوظيف في العراق مرتفعة قياسا إلى معدلات السكان، وفقا للمتحدث، مؤكدا أن هذه النسبة تمثل (12 – 13) من مجموع السكان، وبالتالي هي نسبة مرتفعة بالمقارنة مع البلدان الاخرى.  وفي ما يخص دور الحكومة في التقليل من نسبة البطالة، يؤكد الهنداوي اهمية تفعيل القطاع الخاص، بما يجعله شريكاً اساسياً للقطاع العام في توفير فرص العمل.

ونبه على أن وزارة التخطيط تستعد لإطلاق ستراتيجية خاصة لتطوير القطاع الخاص، على ثلاث مراحل، الأولى التهيؤ، ومرحلة التمكين، ثم مرحلة القيادة والريادة، مؤكدا أن هذه الستراتيجية اذا ما طبقت ونفذت سيكون للقطاع الخاص دور أساسي ومهم في توفير فرص العمل والحد من الإقبال على الوظيفة  العامة. ومع عدم الاستقرار الذي تشهده السوق، وضعف دور القطاع الخاص، يلجأ معظم الشباب إلى القطاع الحكومي للحصول على فرصة عمل، وهو ما يعدّه مراقبون خطأ يقع فيه الخريجون.   

وفي هذا الصدد، يقول الخبير الاقتصادي (الدكتور باسل العبيدي..) إن من الأخطاء الشائعة عند البعض هو تفضيل قدرات معينة على أخرى ليس لها رواج في سوق العمل، مضيفا أن الفرد يمتلك احيانا قدرات علمية ومهارات متنوعة، لكنه يفضل تحصيله الدراسي على ما يمتلك من قدرات، فيقع في خطأ الاختيار ويصنع البطالة لنفسه. 

ويشير إلى أنه "لو تمَّ إحصاء عدد العاطلين عن العمل وتحليل قدراتهم لوجدنا الكثير من القدرات  المهدورة".

وبحسب بيانات وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، هناك أكثر من مليون و(700) من الشباب من كلا الجنسين مسجلون في الوزارة تحت عنوان باحثين عن العمل، بينهم من يحمل مؤهلات ويتمتع بكفاءة علمية ومهنية.

ويقول المتحدث باسم وزارة العمل نجم العقابي إن الوزارة، شملت العاطلين عن العمل برواتب الرعاية الاجتماعية، مشيرا إلى أن هناك أكثر من مليون و600 ألف أسرة مشمولة بهذه الرواتب. 

وبشأن وجود العمالة الأجنبية، بيّن العقابي أن هذه العمالة لا تؤثر في العمالة المحلية، كون هؤلاء يعملون طبقا لقانون العمل رقم 37، وهي تشغيل 50 % مقابل 50 % من الاجانب. 

واشار إلى أن الوزارة قدمت مقترحا لمجلس الوزراء يقضي بزيادة نسبة العمالة المحلية العاملين في الشركات الاستثمارية إلى 70 %، بانتظار المصادقة عليه في مجلس النواب. 

كما أن الوزارة بادرت إلى من خلال دائرة العمل والتدريب المهني، بمنح قروض للعاطلين عن العمل من أجل مساعدتهم في اقامة المشاريع الصغيرة، مضيفا أن الوزارة قدمت مقترحاً أيضا بمضاعفة مبالغ القروض لتصل إلى 100 مليون دينار، من أجل تشغيل أكبر عدد من العاطلين، والحد من البطالة.