منحوتات عمَّار النعيمي.. رشاقة الاختزال

ثقافة 2023/04/18
...

  نصير الشيخ


ـ هل الفن هو خلاصة مفاهيم أم أنه واقعة شيئية تمدان جسورالرؤى ليبثان منظوراً فاعلاً للجمال، وكيف لنا الإمساك بهذا الفاصل أي منطقة الحياد حين نرى "الأشياء كأشكالٍ خالصةٍ وهو أن نراها كغاياتٍ في ذاتها"..

ومن ثم كيف لنا إقصاء الانفعال الذي هو الانبعاث الفطري للنفس في ملامستها للأشياء.

والفنان النحَّات عمَّار النعيمي في معرضه الشخصي في قاعة "برونز" في الوزيرية، وتحت عنوان "مُمكنٌ" أستطاع ان يضعنا في مواجهة صميمية مع منحوتاته التي تشكلت أيقونات تحمل أبعادها الرمزية وتمركزها الفني وأضافتها الجمالية في حيز الفضاء الذي أنوجدت فيه، فباختلاف المواد المستخدمة في تنفيذ هذه الاعمال النحتية المعروضة وهي "البرونز / أكليريك/ رزن / فايبر" ينشئ النحات النعيمي اشتغالاتٍ مبهرة من مواد "اللدائن" المتواجدة في حياتنا العملية، حيث هذه الخامات تدخل مشغلهُ بغية إعادة تكوينها اعمالا نحتية على شكل عوالم ضاجة بالترميز والدلالات وعلى وفق معاملات حرارية عالية ومعادلات تكوينية في مادتها الخام، يعيد فيها الفنان سبك فكرته في تناغم جوهري والتي تخضع لتطويع هائلٍ خاضع لدقة عالية تتمثل في كيفية التعامل مع هذه الخامات ومقدار معالجتها بالنار والزمن المستقطع لانضاجها كي تكتمل كمنحوتة بالغة الأثر وكقطعة نحتية تصدر لنا خطابها الجمالي، ومن ثم تكتفي بحيزها المادي في متحف الفن.

شغل النحت تاريخاً ناصعاً من حضارة وادي الرافدين بدءًا من فطرة الفرد الرافديني في تعامله مع الطين المادة الأولية لتربة هذي البلاد، وكيفية التفكيرالبدئي في تطويعها والتي لاتخلو من حسٍ فطري في محاكاة الأشكال والشخوص، كلها شكلت مسيرة طويلة وصولاً الى الفن المعاصر ومدارسه الحديثة في النحت وحضور العمل النحتي منجزاً متفرداً وأستطيقيا في المعارض والكاليرات.

* يحضر الفنان عمار النعيمي في معرضه المعنون "مُمكنٌ" ليأخذنا معه بصحبة بوابة السؤال، واضعاً لنا مفتاحا نصيّا يشير الى ان هذا المعرض هو "رؤية نحتية مختلفة" بعد انقطاع دام ثلاثة عقود.

في قاموس النحت تشكل المواد الخام المتمثلة والمتواجدة في الطبيعة والبيئة المحيطة محط اشتغال الفنانين على مر العصور يتصدرها "الحجر/ الرخام/ البرونز/ الخشب ..الخ " حيث يعمل إزميل النحات على خلق عوالمه بتقنية الحفر والتقشير والحذف والإضافة والتحوير وصولا الى التجريد في القطعة النحتية، لكن النحات النعيمي أضاف خامات جديدة قدم من خلالها أشكالاً اعتمدت الرشاقة في تكوينها النحتي، وابرزت الهيئات الدالة لنوع الفكرة التي اشتغل عليها الفنان، كلها جاءت في قدرة اختزالية عالية لا تخلو من رشاقة الفعل وبعده الإنساني وارتباطها بوجودها العيني، ولاتخلو كذلك من رهافة نلمسها حين نمسك مادتها الخام. وللمرأة نصيبها من الحضورالتكويني في أعمال النحات بتشكيلها الجمالي كأنثى تبث طاقتها الحضورية قبل الحسية عبر  ختزال مظهري للجسد الأنثوي وهو يتمركز عند نقطة الانتظار ومن دون رأس.