حكاية أغنية عراقيَّة

ثقافة 2023/04/19
...

 عادل العرداوي 


من منا لم يسمع بالاغنية العراقية الجميلة والقديمة الجديدة، التي صدحت بها حنجرة مطرب العراق الراحل ناظم الغزالي في النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي وأعني بها (طالعه من بيت ابوها، رايحه البيت الجيران..الخ)، وهي واحدة من اجمل اغاني الغزالي، التي انتشرت ايضاً في معظم ارجاء البلدان العربية، واداها من بعده عشرات المطربين والمطربات من العراقيين والعرب وما زالت كذلك حية متوقدة في اذهان وذاكرة الناس الذواقين للجمال وللكلمة المؤثرة والبسيطة واللحن الساحر والاداء المرهف لفنانا الغزالي (1921- 1963) إرشيف الاغنية المذكورة يقول إنها من تأليف الشاعر الغنائي الشهير والراحل جبوري النجار، ومن ألحان الفنان ناظم نعيم، وهي مسجلة لإذاعة بغداد في حينها، الذي لفت انتباهي لهذه الاغنية الخالدة، وأنا أواصل قراءة فصول كتاب (الأغنية الشعبية/ مدخل لدراستها) من تاليف أستاذي المصري الراحل (الدكتور احمد مرسي)، المتخصص بالمأثور والتراث الشعبي المصري والعربي (رحل قبل عام من الآن)، خاصة عندما وصلت في القراءة إلى الصفحة (99) ضمن فصل (المرحلة الثالثة/ مرحلة الانتقاء او الانتخاب)، اذ وجدت الدكتور مرسي وهو يتحدث عن خصائص الاغنية الشعبية المصرية يستشهد بنص شعري مصري غنائي قريب جداً من نصنا الشعبي العراقي وهاكم ما يقول : المغنية: انا گلت: ياعروسه وريني على حنكك وفرجيني.. گالت روح يامسكين.. دنا حنكي خاتم سليمان.. ياعيني.. المرددات : وح الجناني روج.. بص ع الفيتان وتفرج.. المغنية: انا گلت ياعروسه وريني ،، وعلى شعرك فرجيني.. گالتلي روح يامسكين، انا شعري سلب جمال ياعيني...! انا گلت ياعروسه وريني، على اعيونك وفرجيني.. گالتلي روح يامسكين، دعيوني اعيون الغزلان.. ياعيني..! وهي من الاغاني الشعبية المنتشرة في الريف المصري..! ليس هذا فقط وخلال بحثي عن جذور هذه الاغنية وجدت انها منتشرة في بلاد الشام (سوريا وفلسطين ولبنان والاردن) وأداها اكثر من مطرب في السنوات الماضية، ولعل مطرب القدود الحلبية المرحوم صباح فخري كان من أشهر من أداها، ووجدت في كلماتها تشابها وتغيراً طفيفاً عن النص العراقي.. فالنص الشامي يقول : طالعه من بيت ابوها، رايحه لبيت الجيران.. لابسه الأبيض والاحمر.. والعيون تضرب سلام.. گلتلهه ياحلوه ارويني وعلى طولك فرجيني.. گالتلي روح يامسكيني.. ياطولك قوام البان.. گلتلهه ياحلوه ارويني على اعيونك فرجيني. گالتلي روح يا مسكيني اعيوني اعيون الغزلان.. گلتلهه ياحلوه ارويني وعلى صدرك فرجيني.. گالتلي روح يامسكيني ياوجهي قمر نيسان.. گالتلي روح يامسكيني، صدري فسحة ميزان..! ) 

ونختم حكايتنا هذه بالنص الشعبي العراقي الذي اداه المرحم الغزالي ويقول: طالعه من بيت ابوها رايحه لبيت الجيران.. فات ماسلم عليه، يمكن الحلو زعلان..! گلتلهه ياحلوه ارويني، عطشان ميه ارويني.. گالتلي روح يامسكيني، مينا مايروي العطشان.. وگلتلها ياحلوه ارويني، وعلى طولچ فرجيني گالتلي روح يامسكيني.. يطولي نبعة ريحان گلتلهه ياحلوه ارويني، وعلى اعيونج فرجيني گالتلي روح يامسكيني اعيوني اعيون الغزلان وكان المرحوم الغزالي عندما أداها لاول مرة قدم لها بأبيات شهيرة من الشعر العربي الفصيح يقول مستهلها:  سمراء من قوم عيسى من اباح لها قتل امرئ مسلم قاسى بها ولها.. الخ.. أطرح هذا الموضوع الطريف على انظار المهتمين بالشأن الغنائي العراقي والعربي من الملحنين والشعراء والمؤدين والنقاد لفك هذا الاشتباك بأدلة علمية مقنعة..