العيد وكلام غير سعيد

الصفحة الاخيرة 2023/04/19
...

زيد الحلي 

يومان ويحل عيد الفطر، ومع الفرح المرتقب، بحلوله، اسمحوا  لي بقول قد لا يرضيكم، أن زماننا الحالي، ليس ببراءة وجمال زمن ستينيات القرن المنصرم، ففي الماضي، كان المجتمع العراقي بثلاث طبقات هي فقير مدقع، يمثله العامل والفلاح وصاحب الأجر اليومي ومن كان  بمستواهم، وطبقة وسطى، وهي الكثرة الكاثرة، تجمع الموظفين من مدنيين وعسكريين وأصحاب المهن ومن على شاكلتهم، والطبقة العليا، فهي من التجار والمتنفذين وأصحاب الحظوة، لكن الآن أصبح يضم فئتين فقط، هما، فقراء ومعدمين وأصحاب الرواتب التي تنتهي قوتها الشرائية بأسبوع واحد فقط، حيث تستنزف متطلبات الحياة والدراسة الاهلية والمولدات إلخ، مواردهم بشكل صارخ، وفئة أصحاب الأموال والنفوذ، وبذلك، ضاعت الطبقة الوسطى، وهي عمود المجتمع.

لماذا أشير إلى هذا الواقع المؤلم، ونحن نعيش أيامًا مباركة، وبانتظار فرحة عيد الفطر؟ ربما هذا التساؤل، يمثل مشروعية، فأجيب: كان مقدم العيد، من أبهى الأيام، ولا يدانيه فرح من الجميع، يتمثل ببساطة المعيشة، ورخص الأسعار وتوفر المنتج المحلي، غير أنه يشكل حالياً، كابوساً لرب الأسرة البسيط، فهو لا يقدر على توفير متطلبات الاحتفال بالعيد، وهي متطلبات عائلية معروفة، بسبب اغراءات المولات وتنوع الاستيرادات، ومقابل ذلك، نجد البذخ الذي يمارسه أصحاب فئة مكتنزي الأموال، في الموائد والسلوكيات وحفلات الفنادق والمطاعم الفخمة، ما يفوق الوصف.. وصح من قال إن (الجدر) لا يستقيم إلا على ثلاثة مساند أو أرجل، فكيف الحال، و(الجدر) العراقي بات يستند الآن إلى عمودين فقط! 

علينا السعي إلى تحقيق فكرة التكافل الاجتماعي كمنهج حياة، من خلال التأكيد على التعاضد المجتمعي، فليس الثراء والفقر هما ما يجعلانا سعداء أو تعساء، بل أن عدم بسط أيدينا إلى بعضنا والشعور بالآخر، هو الداء الخطير.. فغني بخيل، هو أفقر من متسول، هي دعوة أوجهها إلى (عبدة) المال والجاه، لا سيما (فئة) حديثي النعمة، أن يتواضعوا، حتى يتمكن بسطاء الناس من العيش بيسر وطمأنينة وفرح بالأعياد.

نحن ندرك، أن نعمة الحرية، لا يعرف قيمتها غير الأسير، مثلما لا يقدر نعمة الغنى، وبحبوحة الحياة، إلا من عاش في فترة من حياته، في الحرمان والبؤس، وعانى من مظالم وأوجاع الفقر، لا سيما هم معروفون للجميع!