طالما بدأنا العنوان بـ “الهبيط” وهي الأكلة الأشهر في المنطقة الغربية، لاسيما الأنبار حيث موطن رئيس البرلمان محمدالحلبوسي، فإن قدرته على جمع برلمانات دول جوار العراق الستة “إيران، تركيا سوريا، الأردن، السعودية، الكويت” في بغداد إنما تمثل نقلة نوعية على مستوى الدبلوماسية الشعبية. لا أحد ينكر أن العلاقات السياسية بين هذه الدول متباينة بين الصداقة المتينة بين بعضها ربما حد التحالف وبين العداوة الظاهرة مع أخرى، وبين بين مع ثالثة وربما رابعة.
الاشتباك الظاهر والباطن بين هذه الدول سياسياً في المقام الأول أنتج محاور وتكتلات وصلت حد التناقض ودخلت في صراعات وربما حروب بعضها تدار بالوكالة هنا وهناك. والجميع يدرك أن العامل الدولي وصراع الأقطاب له تأثيره المباشر مرة هنا وغير المباشر هناك. مع ذلك فإن هناك مؤشرات بل وحتى معطيات ،تشير الى إنه بالرغم من التصعيد الإعلامي بل وحتى العسكري (لاسيما اللهجة الأميركية ـ الإسرائيلية حيال إيران وآخرها ادراج حرسها الثوري على لائحة الإرهاب) فإن هناك مايمكن أن يكون قابلاً للتحاور بشأنه بين دول المنطقة بطريقة أوبأخرى.
طوال الشهور الماضية من تسنمه منصبه كرئيس للبرلمان العراقي ،أجرى محمد الحلبوسي زيارات لمعظم دول الجوار تقريباً. كما التقى بمعظم زعمائها وسياسييها في بغداد أو في عواصمهم. كما زار دولاً خارج المحيط الإقليمي وأهمها الولايات المتحدة الأميركية. ولعل من مجمل زياراته ولقاءاته تمكن من بلورة قناعة أن بالإمكان تحريك الدبلوماسية الشعبية لكي تخوض في تجربة التعامل المباشر بين الخصوم لاسيما البارزون منهم في المنطقة بين دول الجوار وفي المقدمة منهم إيران والمملكة العربية السعودية. ليس بالإمكان التكهن فيما إذا كان الوفدان السعودي والإيراني سيجلسان على مائدة حوار واحدة وقد يتجاذبان أطراف الحديث ،لكن بالتأكيد ستكون للقاءات الجانبية على موائد الطعام ربما يأخذ الموضوع طريقاً آخر من طرق التعبير عن العلاقة. لا أحد يماري في أن مطابخ الشعوب على إختلاف ثقافتها ودرجة تطورها تمثل جزءاً من موروثها الذي تعتز به. ولعل أول مايسعى الإنسان الى التعرف عليه عند السفر هو الأكلة الأشهر في ذلك البلد. العراقيون يفتخرون بـ “مسكوفهم” والإيرانيون بـ “فسنجونهم” والسعوديون بـ “كبستهم” والأتراك بـ “كبابهم” والكويتيون
بـ “ بمنسفهم”.
لكن ثمة أكلة لن تغيب على مائدة الحلبوسي وهو يستضيف هذا المؤتمر المهم لدول لم يكن لأحد أن يتصور حتى قبل شهور أن تجتمع كلها مرة واحدة في بغداد وهي “الهبيط” ،التي تنفرد بها الأنبار والتي لابد أن تكون حاضرة في مثل هذا الجو الذي لن تساعد على توفير الأجواء الإيجابية فيه سوى الدبلوماسية الناعمة. هذه الدبلوماسية التي يجيدها رئيس مجلس النواب الشاب قد تساعد بهذا القدر أو ذاك على إذابة ،جزء من جبل الجليد المتراكم بين بعض هذه الدول. من غير المعقول أن ننتظر نتائج سريعة لمثل هذه اللقاءات،لكن دائماً مسافة الألف ميل تبدأ.. بخطوة واحدة.