قامتنا الاقتصاديَّة

اقتصادية 2019/04/19
...

ثامر الهيمص
إطفاء 75 بالمئة من ديون العراق أبرز بنود (قمة تونس)، لا شكَّ أنه بندٌ يسرنا فيما إذا نُفِّذَ كاملاً كونه يرفعُ عن كاهلنا عِبْأين، الأول ماليٌّ، لا سيما أننا نعاني من ديون بفوائد، والعبء الثاني تحميل جميع الشرائح الاجتماعية تبعات حروب الخليج التي لم يكونوا أصحاب قرار فيها أو بنتائجها الكارثيَّة مزدوجة التأثير، علماً أنَّ هذه الديون العربيَّة لم تشملها مقررات "نادي باريس" التي ألغت 80 بالمئة من ديون العراق غير الخليجيَّة حصراً، ولذلك سميت الأخيرة بـ"الديون البغيضة" لأنها محميَّة بقرارات دوليَّة مجحفة تحت الفصل السابع سيئ 
الصيت.
لذلك فإنَّ إطفاء الديون الخليجيَّة ينبغي أنْ يكون خريطة الطريق لسياستنا الاقتصاديَّة مع العرب من خلال التزامهم ببند أو قرارات القمة العربيَّة، لا سيما أننا أبكرنا بتنفيذ مشاريع لساحات تبادل تجاري أو المدن الصناعيَّة من طريبيل الى عرعر مروراً بأنبوب العقبة.
وكما ذكرت الأنباء في ضوء زيارة الرئيس الإيراني أنه سنعامل الجارة الأطول حدوداً بذات الطريقة، أو في ضوء تصريح السفير الإيراني من أنَّ (40) معرضاً (تجارياً) ستنظم في العراق خلال العام المقبل لتمضي التجارة فقط بازدهار (عربي إيراني تركي)، لا سيما أنَّ تجارة الأثاث مع الأخيرة دفعت نجارينا للالتحاق بطوابير 
البطالة.
هذه السياسات التجاريَّة جاءت نتيجة "المرض الهولندي" الناجم عن ريعيَّة الاقتصاد النفطي، فمثلاً إنَّ صناعة غرفة نوم عراقيَّة يبلغ سعرها 2500 دولار مقابل 1600 دولار للمستوردة، هذه الثغرة استغلها تجار الصدفة لإنتاج بطالة في الصناعة والزراعة وإنتاجها الحيواني جراء الاستيراد العشوائي، ما أثر سلباً في المنتج الوطني.
تثار تساؤلات أمام أصحاب القرار بشأن استمرار ظاهرة "المرض الهولندي" خصوصاً بعد الاتفاق على إقامة ساحات التبادل التجاري والمدن الصناعية التي ربما تكون على حساب قطاعنا الصناعي المتواضع 
جداً.
فقامتنا الاقتصاديَّة الوطنيَّة، بدون أن تسمق وسط هذه المتغيرات والثوابت سوف تجعل من عرَّابي وتجار الصدفة عوامل إجهاض، والتجربة أكبرُ برهانٍ للأعوام الـ 15 المنصرمة مع ركامات ما سبقها من سنين أقل ما توصف بـ {العجاف}.
نأمل من قمة تونس أنْ تكون خطاً لشروع اقتصادي لنتكامل صناعياً وزراعياً ثم تجارة متكافئة بموازينها المتناظرة كمَّاً ونوعاً من حيث المبدأ، بدلاً من شعارات كانت كلفها باهظة علينا من خلال أبغض الديون التي تشكل عائقاً يحول دون تكاملٍ في المنطقة ككتلة لها وزنها الاقتصادي والجيوستراتيجي عالمياً، لكي لا نبقى مغنماً وندور في حلقات الاستقطاب الدولي 
فقط.