د. هاشم حسن التميمي
يسعى رئيس الوزراء السوداني بالجهد والاجتهاد وعلى امتداد الليل والنهار لتحقيق إنجازات خدمية غير مسبوقة لاستعادة ثقة الناس في حكومة متهمة بالمحاصصة وتقديم الولاء على الأداء.
ويرى المتابع المحايد صدق التوجه في تحقيق الإنجاز ومحاربة حيتان الفساد المتضامنة والمتآمرة والتي تحاول بكل الطرق الخبيثة عرقلة الاصلاح ومحاولة اختراق مختلف الأجهزة والإدارات لتحقيق مصالحها غير المشروعة وتهميش وإزاحة كل المخلصين والمتخصصين. واعتماد ذيول تنفذ صفقات وأجندات.
نعم استبشر الناس خيراً بفتح طريق المطار، لكن الإنجاز أفرغته بعض الجهات من مضمونه حين تسمح لصاحب المركبة والبعض من أسرته بالوصول للمطار بشرط تذاكر السفر وترك سيارته في كراج المطار الذي يشرف عليه متعهد يطالب بعشرة آلاف دينار لكل يوم وكان الكراج بالمجان، وتبقى إشكالية العائد للوطن وبصراحة إن القرار الصحيح فتح الطريق للمركبات العامة والأجرة للوصول للمطارات في بغداد والبصرة والنجف وكردستان وكسر احتكار شركات النقل التابعة لشخصيات نافذة في الحكومة والبرلمان التي تفرض مبلغ خمسين ألف دينار في أكبر عملية لابتزاز المسافر والصحيح يا دولة الرئيس. فتح المطار أمام المركبات كافة تماماً مثل مطارات العالم من لندن إلى نواكشوط والعمل على تحرير المطارات العراقية من المافيات التي تتحكم بالنقل بتفاصيله كافة وعودتها للحكومة في الإدارة والموارد والإجراءات وإلغاء كل المكاتب والأشخاص الذين يتدخلون بشؤون المطارات والتوديع والاستقبال باستثناءات تؤشر لخروقات أمنية خطيرة.
إنّ التسويق المتعجل والتهويل لإنجازات الحكومة يفسد الإنجاز نفسه، ويفترض أن تدرس الملفات بدقة وتوضع خطة للإنجاز بالمواصفات والمعايير الدولية وعند اكتمال المشروع يعلن للناس، فتراه بالعين وتلمسه باليد وينقطع طريق نشر الشائعات والتأويلات المريضة.
الشعب لا يريد إنجازات فيسبوكية على طريقة من سبق وحقق للناس كل الأحلام ولكن بالأوهام، وعلى صانع القرار أن يدقق ويحذر من هذا المنزلق ومن الذين ينقلون له مقالات المديح ويمنعون عنه النقد الصادق والصريح. فقد أظهرت لنا وسائل الإعلام متابعة السوداني لعملية إصدار جواز إلكتروني خلال ثوانٍ وصدق البعض وتدفقوا في اليوم التالي لمكاتب الجوازات، فوجدوا أن الأمر ليس سهلاً ومتيسراً، كما سوقه الإعلام الحكومي بل إن الجواز الورقي وحتى الهوية الموحدة يتأخر إصدارهما لشهور وقد تصل للسنة الواحدة بسبب شح ورق الطباعة وتعقيدات عقود الوزارة مع شركة ألمانية، والأمر يحتاج للتحقق والتدقيق. وهنالك حالات أخرى لا يتسع لها المقال، لكننا نكرر النصح وقديماً قالوا (خير الصحف من ترشد وخير الحكومات من تسترشد). لا تتعجل يا صاحب المعالي واعلن عن المشروع والإنجاز وهو متكامل واضرب بيد من حديد والشعب سيكون معك وحينها ستكتشف أن الديناصورات هي من ورق، واحذر من التنمر واظهار غضبك في وسائل الإعلام كما حدث مع مدير المطار، ففي ذلك انتهاك لكرامة الإنسان وتذكير بأساليب الحكومات الشمولية. وآخر القول أن تعمير الحجر مهم جداً، لكن إعمار البشر الأكثر أهمية ونحتاج لدراسات حقيقية لإنقاذ الإنسان والمجتمع من كوارث حقيقية تستهدف كرامته وحريته، وهويته الوطنية.