بغداد: أسرة ومجتمع
أكدت الدكتورة فاطمة الزهراء محمود استاذة الصحة النفسية « أن الأطفال قد يصابون ببعض الاضطرابات التي تلعب العوامل الوراثية دوراً مهماً فيها، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو صعوبات التعلم، أو اضطراب الطيف التوحدي، وقد يصابون أيضاً ببعض الاضطرابات التي تلعب فيها العوامل البيئية والمجتمعية الدور الأكبر، مثل الاكتئاب (وهو شائع جداً لدى الأطفال والمراهقين) والقلق، والوسواس القهري، والرهاب الاجتماعي، ومشكلات الثقة بالنفس، وغيرها الكثير.
فقدان السيطرة
وتكمن الصعوبة بشكل أساسي في عدم قدرة الأطفال على التعبير عن معاناتهم على نحو صحيح طيلة الوقت، فيلجؤون إلى الانعزال مثلاً، أو العنف والعدوانية مع الآخرين، أو قد تظهر عليهم بعض الأعراض والآلام الجسدية، وغالباً ما يتم التعامل مع هذه الأعراض بشكل يؤدي إلى تفاقم المشكلة بدلاً من حلها،على سبيل المثال، قد ينظر البعض إلى الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه على أنه طفل مهمل، أو لا يحترم الآخرين، دون إدراك أنه لا يملك السيطرة على هذه الأعراض، فتتم معاقبته بشكل مستمر بدلاً من مساعدته، مما قد يسبب له مشكلات واضحة في الثقة بالنفس، وقد يتعرض نتيجة لذلك للإصابة بالاكتئاب، قد يصاب الأطفال به نتيجة لعوامل حسب الدكتورة محمود بالقول :
منها التعرض للتعنيف الجسدي، أو اللفظي، أو التنمر، أو الانتقاد المستمر. كذلك يصبحون عرضة للإصابة بالاكتئاب بشكل أكبر بعد انفصال الوالدين، أو وفاة أحدهما، وبعد تعرضهم للصدمات النفسية
هذا ويختلف الاكتئاب في أعراضه عند الأطفال منه عند البالغين، مما يجعل ملاحظته ليست بالمهمة السهلة، حيث يظهر أساساً في صورة آلام جسدية؛ مثل الصداع أو المغص، أو اضطرابات في المزاج، أو ضعف في التركيز، وقد يميل الطفل أيضاً إلى الانعزال وعدم الرغبة في اللعب أو الاستمتاع، ويظهر ذلك واضحاً أيضاً من خلال التدهور الواضح في المستوى الدراسي، وقد يصاب بالتبول اللاإرادي .
التشخيص نصف العلاج
وبينت الزهراء ان العلاج يكمن في مستوى الاكتئاب، اذا كان بسيطاً إلى متوسط، فيمكن علاجه بواسطة جلسات العلاج المعرفي السلوكي، أما إذا كان شديداً، فقد يتطلب الأمر التدخل الدوائي إلى جانب العلاج السلوكي، لذلك تبقى مهمة التشخيص السليم ووضع الخطة العلاجية المناسبة هي وظيفة الطبيب النفسي بالأساس، وما عليك سوى اللجوء إليه عند الحاجة لذلك، أو عند ملاحظة الأعراض السابق ذكرها
وتشير الدكتورة فاطمة الزهراء إلى أن المقياس الأساسي، الذي يحدد ما إذا كان طفلك في حاجة لزيارة الطبيب أم لا، هو شكل التغيير الذي طرأ عليه، مدته، ومدى تأثيره في جودة حياته، وكذلك الأعراض التي تتطلب تدخل الطبيب النفسي ومنها:
*الانطوائية، وقلة الكلام في غير المعتاد
*العنف والعدائية
*انخفاض المستوى الدراسي للطفل بشكل ملحوظ، أو أصبح يرفض الذهاب إلى المدرسة وغيرها من السلوكيات السلبية.
جميعها مؤشرات تشير إلى ضرورة البحث في أسبابها، لذلك يجب أخذ مشورة متخصص؛ للوقوف على أسباب هذه المشكلات وحلها سريعاً قبل تفاقمها.
لذلك تنصح بالاستماع إلى الطفل باهتمام، والحرص على تحقيق أحلامه، فهذا من شأنه أن يعزز ثقته بنفسه ويصقل هذه المميزات، وقبول اخطائه، فالخطأ يعني أنه يتعلم، ولا يعني أنه طفل سيئ، كما أن علاقتك الجيدة به هي التي ستدعمه طيلة الوقت، لذا لا تتنازلي عنها مهما كانت الضغوط.
وتشدد الطبيبة النفسية على أن العامل الأهم في حماية الأطفال يبقى البيئة المنزلية، فالصحة النفسية للوالدين، وخاصة الأم، تلعب دوراً محورياً في انعكاس ذلك على الأطفال، لذا فإن اهتمامك بصحتك النفسية ليس رفاهية، بل هو من ضمن الأولويات التي تساعدك وتساعد أطفالك على الحياة بشكل أفضل
وأخيراً، كل أم تبذل ما في وسعها لمساعدة أطفالها، قد تصيب أحياناً وتخطئ أحياناً أخرى، لذلك الحرص على القراءة والتعلم وزيادة الوعي بطبيعة المراحل العمرية المختلفة، ولا تستسلمي مهما حدث، فهناك دائماً حل لكل مشكلة مهما كانت صعبة