ترى كاتبة المقال، الإسلامَ كمنهاج حياة وجوهر العالم بالنسبة إليها، لكنها شعرت بالإحباط عندما سألها الناس: “لماذا ترتدين الحجاب؟ أليس ذلك إشارة على اضطهاد النساء؟ اخترت ارتداء الحجاب واخترت أنْ أكون امرأة متعلمة ومتحررة واخترت اتباع الإسلام”.
زارت الكاتبة النيجر مؤخراً والتي يشكل المسلمون 98 بالمئة من سكانها، وتعدُّ البلاد أيضاً صاحبة أعلى معدل لزواج الأطفال عالمياً، إذ تتزوج ثلاث من كل أربع فتيات قبل سن 18، والعوامل الرئيسة وراء ذلك هي الفقر والأعراف المحليَّة والتقاليد ونقص التعليم.
النيجر خامس أفقر دولة في العالم، وعلامات الفقر الحاد واضحة للعيان. ذكرت بعض العائلات كيفيَّة تخليهم عن بناتهم لغرض الزواج المبكر بسبب معاناتهم في إطعامهن أو حمايتهن وتعليمهن. تعاني الفتيات أكثر من الصبية، فنسبة المتعلمين بين سن15 - 24 سنة تبلغ 30 بالمئة لدى الرجال مقارنة مع 15 بالمئة فقط عند النساء.
في مدينة لوغا التي تبعد 140 كم شرق العاصمة نيامي، ذكرت إحدى الفتيات أنَّ أهلها زوجوها عندما كانت بسن 12 لكنها هربت ليلاً من حفل زفافها بسبب الصدمة ولجأت الى منزل ميمونة جبريلا، المتطوعة العاملة مع منظمة الإغاثة الإسلاميَّة.
عملت ميمونة مع عدة منظمات والمدرسة التي كانت فيها الفتاة الهاربة (لم تكشف عن هويتها) والشرطة وعائلتا العروسين اضطرتا لإلغاء الزواج. يعدُّ الزواج المبكر والإجباري موضوعاً مثيراً للجدل في النيجر، ووقعت البلاد على معاهدات دوليَّة تضع حداً أدنى للزواج عند 18 سنة. عموماً، السن القانونية للزواج 15 سنة للفتيات و18 سنة للصبيان، وجرت مناقشات مستمرة في البرلمان للتأكد من احترام القانون الوطني للمعاهدات الدولية، لكنَّ ذلك لم يحدث حتى الآن.
تحركٌ مجتمعيٌّ
حتى إذا تغيَّر القانون فمن غير المحتمل توقف زواج الأطفال بين عشية وضحاها، لأنه متجذرٌ في ثقافة النيجر. إذا حدث أي تغيير فيجب حدوثه على مستوى المجتمع، وتعمل الإغاثة الإسلاميَّة على تدريب زعماء المجتمع ورجال الدين بخصوص أهمية حقوق المرأة وحماية الأطفال.
يتمتع أئمة المساجد بأهمية كبيرة في هذه الحملة، وألقى بعضهم خُطباً تتعلق بحقوق النساء والأطفال ضمن صلاة الجمعة. وأكدوا أنَّ القرآن يحرم على الأزواج وراثة زوجاتهم بالإكراه، أو تسبب الأهل بإيذاء أطفالهم بأي شكلٍ من الأشكال، وكيف أنَّ الزواج الناجح وفقاً للإسلام يعززُ الحب وراحة البال والرحمة بين الرجال والنساء.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار مستويات العنف المنزلي المرتفعة في البلاد فإنَّ أكثر من 15 بالمئة من النساء تعرضن الى العنف أو التحرش الجنسي. فقد تعرضت فتاة أخرى للاغتصاب من قبل أحد أقربائها عندما كانت بسن 15 ونبذتها عائلتها لأنها أنجبت من دون زواج، وطردت من المنزل أثناء الحمل.
أقنعت ميمونة أم الفتاة بمساعدتها، وهي الأخرى منبوذة حالياً من أسرتها. هذه القصة تفطر القلب، خصوصاً بعد إجبار الفتاة على التسول للحصول على الطعام والإهانة يومياً.
يأمرنا الله بحماية شرف النساء، ويذكر القرآن صراحة أنَّ العنف ضد المرأة بأي شكلٍ أو نوعٍ غير مقبول. وهو غير مقبول في بريطانيا وكذلك الحال بالنسبة للنيجر. وأعلنت منظمة الإغاثة الإسلاميَّة حملة تعمل باتجاه إعلان إسلامي عالمي للعدالة بين الجنسين، وهو نداءٌ للعمل ضد اللامساواة من منظور إيماني إسلامي، وتبدأ الحملة في وقت لاحق من العام الحالي.
صحيفة الغارديان البريطانية