مراهقاتٌ في عش الزوجيَّة

ولد وبنت 2023/05/08
...

  بغداد: رسل عقيل


لم تكن تعلم أن ارتداء الثوب الأبيض سيكلفها ثمناً باهظاً ينتهي بالطلاق المبكر.

تقول (ش.ع) : "تزوجت وأنا في سن الثالثة عشرة، وكنت حينها اعتقد ان الزواج هو ارتداء ثوب،  العرس، وإقامة حفل زفاف، ولم يكن يدور بخلدي أي شيء غير ذلك".

وتضيف (ش) التي تسكن أحد الأحياء الشعبية في بغداد، "كان لأبي الرأي الأول والأخير، ولم يكن أحد يجرؤ الاعتراض على قراره، الذي انتهى بي في المحاكم، ومن ثم الطلاق بعد ثلاثة أشهر فقط من الزواج".

وعلى خطى (ش)، تروي (مريم) قصتها مع الزواج المبكر: "ذهبت ضحية أعراف بالية، وأنا في الرابعة عشرة عاماً.. بما يطلق عليه الفصلية، لحل نزاع بين عشيرتي وعشيرة أخرى".

وأضافت "كان ذنبي الوحيد أني خلقت في مجتمع لم يـنصف المرأة". مع التغير السريع الذي يشهده العالم، تغيرت الثوابت الاجتماعية، ولم تعد القاصرات وحدهن ضحايا الزواج المبكر، وإنما يشمل ذلك الذكور ايضاً.

وفي هذا الصدد، تقول الباحثة الاجتماعية (اسراء نجم): إن "القدرات الذهنية بين الذكور والاناث في مراحل نموهم مختلفة كثيراً، ولذلك يكون تأثير زواج القاصرات أقل وطأة على المجتمع من زواج القاصرين من الذكور، فعندما يتحكم شخص في سن المراهقة بزمام ادارة العائلة.. فتلك من الكوارث المجتمعية"، حسب وصفها.

وتضيف إن "هذه الظاهرة تتسبب بزيادة حالات الطلاق بين الزوجين بسبب عدم قدرتهما على بناء أسرة متماسكة، فضلا عن التغييرات الفكرية المصاحبة لنمو القاصرين، مما يسبب لهم حالة من الاختلال العاطفي".

وشددت الباحثة اسراء نجم على "ضرورة وجود مراكز تأهيل للمقبلين على الزواج المبكر للحد من اثارها المستقبلية على المجتمع".

وتشير احصائيات رسمية للمحاكم الى تسجيل أكثر من أربعة آلاف حالة طلاق، لنساء لم يبلغن الخامسة عشرة خلال العامين 

(2020 - 2021).

وتشكل اعداد حالات الطلاق بين القاصرات نسبة كبيرة من المجموع الكلي، الذي وصل إلى أكثر من 65 ألف حالة طلاق خلال العام 2022.

المحامي (حارث مثنى) يؤكد أن الزواج المبكر أحد الاسباب الرئيسة، التي تضاعف نـسب الطلاق في العراق. 

وبشأن إقرار زواج القاصرات، يوضح أن المادة 21 من مدونة الاسرة تنص على أن زواج القاصرات يكون متوقفاً على نائب شرعي، وفي حال امتنع النائب الشرعي للقاصرة عن الموافقة أصبح قاضي الأسرة هو المكلف بالزواج".

مبينا "حسب المادة 10 في قانون الاحوال الشخصية يعاقب القانون الزواج المبكر اذا كان خارج المحكمة بعقوبة تصل الى الحبس او الغرامات المالية احياناً".

يرى الناشط المدني (منتظر ناصر) أن ضعف القانون أحد أسباب تفاقم ظاهرة زواج القاصرات، التي أصبحت مستشرية داخل المجتمع، وذلك من خلال إقرار هذه الزيجات التي تحدث خارج أسوار المحاكم.

وأضاف أن "المشكلة ليست في قانون الأحوال الشخصية وانما في تطبيقه.. فـنحن بحاجة الى تشريعات تضاعف القيود وتلزم المجتمع بـعدم تزويج أبنائهم بهذه الطريقة".