الشعور والمعرفة.. نظريَّة جديدة للوعي

ثقافة 2023/05/09
...

  كامل عويد العامري

تبدأ حياة المسرحيَّة وتنتهي في لحظة الأداء «بيتر بروك»

  لن يكون سيزيف هو الشخصية المأساويَّة. ولن يكون سيزيف هو سيزيف إذا لم يكن يدرك أن عذابه الرهيب هو عذابه.

يقدم هذا الكتاب، الذي كتبه أحد كبار علماء الأعصاب، تحليلا جديدا تماما ورائعا لظاهرة الوعي ودورها في الكائنات الحيَّة. حتى وقت قريب جدا، اتفق العديد من الفلاسفة وعلماء الأعصاب على أن مسألة الوعي غير قابلة للحل. أنطونيو داماسيو، على العكس من ذلك، مقتنع بأنه مع علم الأعصاب وعلم النفس والذكاء الاصطناعي، لدينا الأدوات اللازمة لحل لغز الوعي. في هذا الكتاب الصادر 2021 يسلط الضوء على جميع جوانب الوعي. تكشف وجهات النظر الجديدة التي يستكشفها عن آلياتها.

وتبقى قريبة من التجربة الحميمة التي نمتلكها معها.

يشرح العلاقة بين الوعي والعقل، والفرق بين الوعي واليقظة والشعور، والدور الرئيس للمشاعر وكيف يحدد الدماغ تطور الوعي. 

في هذا التوليف البارع، يوفق داماسيو بين الاكتشافات العلمية الحديثة وعناصر فلسفة الوعي.

أنطونيو داماسيو، المشهور عالميًا، أستاذ علم الأعصاب وعلم النفس والفلسفة في جامعة جنوب كاليفورنيا في لوس أنجلوس، إذ يدير معهد الدماغ والإبداع.

وهو عضو في الأكاديمية الوطنية للطب والأكاديمية الأمريكية للفنون والعلوم.

ترجمت أعماله إلى ثلاثين لغة. وهو مؤلف كتاب «خطأ ديكارت» الذي كتبه سبينوزا، ومؤخرًا، كان مؤلفًا لكتاب «الترتيب الغريب للأشياء»، الذي حقق نجاحًا هائلاً.

شكل الكتاب كما يبدو له أصول غريبة. مدين بها لامتياز استمتع بها المؤلف مدة طويلة، فضلاً عن الإحباط الذي شعر به كثيرًا. كان امتيازه أن يمتلك كل المساحة التي احتاجها لشرح الأفكار العلميَّة المعقدة في العديد من صفحات كتاب غير خيالي... أعرب عن رغبته في تقليد الشعراء والنحّاتين الذين كان يحبهم كثيرًا: تشذيب الفائض، ثم التنقية مرة أخرى، أو ممارسة فن الهايكو. فكان هذا الكتاب هو النتيجة، فهو لا يتعلق بالوعي فقط - ولكنه يقترب منه. إنّه يقود إلى المواد التي تؤدي إلى مواجهة الحقائق، وقراءة أفكار جديدة ليس فقط حول الوعي ولكن أيضًا حول الظواهر ذات الصلة، عبر مسارات اكتشاف متعرّجة.إنّه من المستحيل شرح طبيعة الوعي وظهوره من دون مراجعة العديد من الأسئلة المهمة في مجالات علم الأحياء وعلم النفس وعلم الأعصاب. 

السؤال الأول يتعلق بأنواع الذكاء والعقل المختلفة. نحن نعلم أن الكائنات الحية الأكثر شيوعًا على وجه الأرض هي وحيدة الخلية - البكتيريا على وجه الخصوص. فهل تتمتع بالذكاء؟ بالتأكيد: نعم تتمتع به على نحو ملحوظ. هل لديها روح؟ في رأي الكاتب كلا. ويعتقد أنها محرومة أيضًا من الوعي. هذه مخلوقات مستقلة بذاتها، ومن الواضح أنها تمتلك شكلاً من أشكال «الإدراك» متعلقا ببيئتها، ومع ذلك، فهي تعتمد عقلا ووعيا، على مهارات غير واضحة - على أساس عمليات الجزيئيّة وشبه الجزيئيّة - التي تحكم حياتها بشكل فعّال، وفقًا لتوجهات التوازن. 

وماذا عن البشر؟ هل لدينا العقل والعقل فقط؟ كلا - هذه هي الإجابة البسيطة. لدينا عقل بالطبع: عقل تسكنه أنماط من التمثلات الحسيَّة، والتي نسميها الصور، ولكن لدينا أيضًا المهارات غير الواضحة التي نفعت الكائنات الأقل تعقيدًا. نحن محكومون بنوعين من الذكاء يعتمدان على نوعين من الإدراك. الأول هو الذي درسته البشريَّة واهتمت به منذ مدة طويلة: يعتمد على التفكير والإبداع، وعلى معالجة أنماط المعلومات والصور الواضحة. والثاني هو الكفاءة غير الواضحة الموجودة في البكتيريا، ونوع الذكاء الذي تعتمد عليه كل أشكال الحياة على الأرض تقريبًا، اليوم كما في الأمس. وعليه لا يمكن الوصول إلى التحقق الذهني.

السؤال الثاني يتعلق بالقدرة على الشعور. كيف نشعر باللذة والألم، وكيف نشعر بالسعادة أو المرض، والسعادة أو الحزن؟ نحن نعرف الإجابة التقليديَّة: الدماغ هو الذي يسمح لنا بالشعور، لذلك نحتاج فقط إلى دراسة آليات الدماغ الكامنة وراء كل شعور محدد. من المهم بالتأكيد أن ننظر إلى الارتباطات الكيميائية والعصبية لأنواع مختلفة من المشاعر - وهو مجال اكتشفته البيولوجيا العصبية وحقق بعض النجاح، ولكنه ليس موضوع هذا الكتاب. هدفه مختلف: هو تحديد الآليات الوظيفية التي تسمح لنا بتجربة عملية تحدث في العقل بوضوح في البعد المادي للجسد. هذا الإدعاء الغريب - من الجسد المادي إلى التجربة العقلية - يُنسب عادةً إلى المساعي الحميدة للدماغ، وبشكل أكثر تحديدًا إلى نشاط هذه الأجهزة الفيزيائية والكيميائية التي هي الخلايا العصبية. هذا التحول الرائع يجري بالتأكيد بفضل الجهاز العصبي، لكن لا شيء يثبت أن هذا الأخير يؤديه بمفرده. ما هو أكثر من ذلك، يعتبر الكثيرون أن هذا الإدعاء الغريب الذي يسمح للجسد المادي بإيواء الخبرات العقليَّة أمر لا يمكن تفسيره. 

يركز الكاتب على ملاحظتين ربما تشكل بداية إجابة مقبولة. يتعلق أحدهما بالخصائص التشريحيّة والوظيفيّة الفريدة للجهاز العصبي الداخلي، الذي ينقل الإشارات من الجسد إلى الدماغ. وتختلف هذه الخصائص جذريًا عن تلك الموجودة في المسارات الحسيَّة الأخرى، لقد كانت بالتأكيد موضوعًا للدراسات، لكنه يعتقد أن أهميتها لم يتحقق التأكيد عليها بشكل كافٍ. فهي تساعد في تفسير المزيج الغريب من «الإشارات الجسديَّة» و «الإشارات العصبيَّة» التي تجعل تجربة الجسد ممكنة. 

ملاحظة أخرى جديرة بالاهتمام تتعلق بالعلاقة الفريدة بالقدر نفسه بين الجسد والجهاز العصبي - وبشكل أكثر دقة بحقيقة أنَّ الأخير موجود بالكامل ضمن حدود الأول. يقع الجهاز العصبي، بما في ذلك الدماغ الذي هو مركزه الطبيعي، في مجمله داخل منطقة الجسد نفسه، ويحافظ على الاتصال الوثيق معه. النتيجة: أن الجسد والجهاز العصبي لديهما إمكانية التفاعل على نحو مباشر ومكثف. لا شيء يمكن مقارنته بالعلاقة التي تربط نظامنا العصبي بالعالم خارج أجسادنا. هذا الترتيب الخاص للغاية له نتيجة مذهلة: على عكس تصورات الجسد التقليديَّة، فإنَّ المشاعر هجينة إلى حدٍّ ما، وتمتلك بالقدر نفسه من الجسد والعقل. 

قد تساعد هذه الحالة الهجينة في فهم سبب وجود تمييز عميق، ولكن لا يوجد تناقض، بين الشعور والعقل، ولماذا نحن مخلوقات تتفوق بالتفكير ومخلوقات مفكرة متفوقة بالحساسيَّة. 

إنَّ الوجود الذي نمر به يتكون من الشعور والتفكير، أو كليهما في ذات الوقت، كل هذا يتوقف على الظروف. فالطبيعة البشريَّة تعتمد على فيض من الذكاء، الصريح أو غير الصريح، ولكن أيضًا على الشعور والعقل، بشكل منفصل أو مدمج مع بعضهما البعض. لذلك، لدينا قوة فكريَّة رائعة، ولكننا لا نزال أضعف من أن نسمح لأنفسنا بمعاملة إخوتنا من البشر بشكل لائق - ناهيك عن بقية الكائنات الحية. على وفق هذه المعطيات الجديدة، يعالج الكاتب الوعي بشكل مباشر. كيف يزوّدنا الدماغ بتجارب عقليّة نربطها باستمرار بكياننا - أي بأنفسنا؟ فتأتي الردود المحتملة، لتتجه نحو نزع ذريعة الشفافيَّة.

قبل المضي قدمًا، كان على المؤلف أن يقدم بعض التفاصيل حول الطريقة التي تناول بها دراسة الظواهر العقليَّة. من الواضح أنَّ هذا النهج يبدأ بالظواهر العقليَّة نفسها - عندما يشرع الأفراد في عمل استبطان ويبلغوننا بملاحظاتهم. الاستبطان له حدوده، لكن ليس له ما يعادله - ناهيك عن البدائل المحتملة. إنَّه النافذة المباشرة الوحيدة للظواهر التي نسعى لفهمها، وقد أفاد الاستبطان العبقريَّة العلميَّة والفنيَّة لوليام جيمس وسيغموند فرويد ومارسيل بروست وفيرجينيا وولف على نحو مثير للإعجاب. بعد أكثر من قرن من الزمان، يظل عملهم استثنائيًا حتى لو تمكنا من المطالبة ببعض الإنجازات الطفيفة. 

يمكن، والحالة هذه، ربط نتائج الاستبطان ببعضها البعض وإثرائها بالنتائج التي حصل عليها بطرق أخرى، والتي تنطبق أيضًا على الظواهر العقليَّة ولكنها تدرسها على نحو غير مباشر، مع التركيز، على مظاهرها السلوكيَّة. الارتباطات البيولوجية والفيزيولوجية العصبية والفيزيائية والكيميائية والاجتماعية. وفي العقود الأخيرة، أحدثت العديد من الابتكارات التقنية ثورة في هذه الأساليب ومنحتها قوة كبيرة. ومن هنا يستند النص إلى نتائج عمل يدمج هذه الجهود العلمية الشكلية ونتائج الاستبطان.

سيكون من غير المجدي الشكوى من عيوب مراقبة الذات وحدودها الواضحة، أو، في هذا الصدد، الشكوى من الطابع غير المباشر للعلوم التي تتعامل مع الظواهر العقلية.. فضلا عن  ذلك، فإن التقنيات متعددة الاستخدامات، التي أصبحت الآن في طليعة التكنولوجيا، تقلل إلى حد كبير من هذه الصعوبات. 

إنَّ أهمية الوعي تكمن فيما يجلبه مباشرة للعقل البشري ولما يسمح له باكتشافه. من دون وعي لا توجد خبرة عقلية: لا متعة ولا ألم ولا شيء ندركه ونحفظه ونتذكره ونتلاعب به لوصف العالم الخارجي والعالم الداخلي من خلال الملاحظة والفكر والتفكير. إذا أردنا إزالة المكون الواعي، فإن تدفق حالاتنا العقلية سيظل يحمل صورًا، لكن هذه الصور لن ترتبط بنا - كأفراد: لن يكون سيزيف هو الشخصية المأساوية. ولن يكون سيزيف هو سيزيف إذا لم يكن يدرك أن عذابه الرهيب هو عذابه. من دون الوعي، لا يمكن معرفة أي شيء حقًا. فهو حجر الزاوية في تطور الثقافات البشريَّة.

لكن لماذا الاهتمام بدوره لدى البشر، في حين أن جميع الفقاريات والعديد من اللا فقاريات على الأرجح تتمتع بوعي أيضًا؟ هل هو أقل أهمية بالنسبة لها؟ مع استثناءات قليلة ملحوظة، تعامل غير البشر مع الألم بشكل مشابه للبشر، ولكن بطريقة مباشرة. لقد نجحت الكائنات غير البشريَّة في تجنب أو تخفيف الألم والمعاناة، ولكن ليس في تعديل مصدرها. في البشر، كان للوعي آثاره على نطاق واسع، ليس لأن الآليات الأساسية للوعي تختلف عن آلياتها.. ولكن لأن الموارد الفكرية للبشر أكبر بكثير وأكثر اتساعًا. إذ سمحت الموارد بابتكار أشياء وأفعال وأفكار للاستجابة للتجربة النقدية للألم أو المتعة، ومنها تدفقت الثقافات البشرية. 

هناك بعض الاستثناءات لهذه البانوراما. ففي بعض الأنواع النادرة مما يسمى بالحشرات «الاجتماعية»، والتي تمكنت من تجميع مجموعة معقدة من الاستجابات «الإبداعية» التي، في شموليتها، تتوافق تماما مع المفهوم العام «للثقافة». النحل والنمل جزء منها، كما يتضح من التحضر والكياسة في «مدنها» المنظمة والمبنية بعناية. فهل لأنها صغيرة بحيث لا لاتتمتع بالوعي، ولاتعرف كيف يغذي هذا الوعي إبداعها؟ أغلب الظن أنها تسترشد بالمشاعر الواعية التي تواجهها. فمعظم سلوكياتها تتسم بطابع غير مرن يحد من تطور براعتها الثقافية - وبصراحة أكثر، تبدو هذه الحشرات «مجمّدة» بدلاً من عملية تطورها. ولا تقل قدراتها، التي يعود تاريخها إلى مئة ألف عام، روعة عن الدور الذي ربما لعبه الوعي في ظهورها. 

مؤشر آخر على الوصول الجزئي إلى الوعي، إذا ربط بالتأثير الخاص للوعي لدى البشر: الطريقة التي تتفاعل بها بعض الثدييات مع موت الآخرين - وعلى نحو خاص طقوس جنازة الأفيال (حيث تذهب إلى حد تغطية الموتى بالأغصان والتراب، والتعامل مع العظام بأكبر قدر من العناية.). 

من الواضح أن هذه السلوكيات ترجع جزئيًا إلى إدراكها لمعاناتها، الناتجة عن ملاحظة تأثير الألم والموت على مثيلاتها. يكمن الاختلاف مع البشر في مقياس الابتكار ودرجة التعقيد والكفاءة المطبقة في تطوير الاستجابات. تميل هذه الاستثناءات إلى دعم الفرضية القائلة بأنَّ الاستجابات تختلف وفقًا للمدى الفكري للأنواع، وليس وفقًا لطبيعة الوعي في الأنواع المعنية. 

كان الوعي، من منظور التاريخ والتطور، ثمرة ممنوعة إلى حد ما: فالذين تذوقوه أصبحوا عرضة للألم والمعاناة، وعرضوا أنفسهم لمواجهة مأساوية مع الموتى. يتناسب هذا المنظور تماما مع فكرة أنّه تحت تأثير المشاعر ظهر الوعي في تطور المشاعر السلبيَّة على وجه الخصوص.

لقد أسست القصص التوراتيَّة والمسرح اليوناني الاحتمالات المأساوية للموت، والتي لا تزال مركزية للعديد من الأعمال الفنيَّة المعاصرة. هذه الفكرة نسخها الشاعر أودن في قصيدة له، حيث يجسد الإنسانية أولئك المصارعون المنهكون ولكنهم  المتمردون، الذين دافعوا عن قضيتهم أمام إمبراطور قاسٍ، وقد أعلنوا: «نحن الذين يجب أن نموت، نطالب بمعجزة» إنّهم لا يطلبون معجزة، ولا يحتاجونها، لكنهم يطالبون بها. بهذه الكلمة، يخبرنا الشاعر، وهو شاهد يائس على التدهور الحتمي لكل إنسان، بكل إحباطاته. لقد أدرك أودن أن «عالم الممكن لم يعد قادرًا على فعل أي شيء لنا» - وهو استنتاج مبتذل إلى حد ما موجود في النصوص التأسيسية للعديد من الأديان والأنظمة الفلسفية، والذي يقود البشر في كل مكان إلى اتباع تعاليم الكنائس التي تقترح اصطحابهم إلى لوحة وادي الدموع  لغوستاف دوريه التي أنجزها حول مواضيع توراتية، والذي اشتهر برسومه التي وضعها لرواية «دون كيخوته» لسرڤانتس 1863، ولملحمة «الفردوس المفقود» لملتون 1865، وللكتاب المقدس 1866. ومع ذلك، إذا لم يكن هناك سوى الألم وحده، من دون منظور المتعة، فإننا نكتفي بتجنب المعاناة من دون السعي وراء الرفاهية. نحن دمى متحركة في كل من الألم والمتعة. فقط الإبداع وحده من يوفر لنا - نادرًا - فرصًا للحرية.

لم تكن البشريَّة، التي وصلت متأخرة في ملحمة الحياة، راضية عن الاستمرار والسيطرة على بيئتها: لقد تبنت سلوكيات معقدة، وخلقت بيئات مناسبة انتهى بها المطاف السيطرة على الكوكب. إذا كانت البانوراما الواسعة للنجاحات البشرية لها أهميتها، فذلك للسعي إلى تحديد الوسائل التي جعلتها ممكنة. 

ما هي الخصائص والاستراتيجيات الخاصة التي أدت بنا إلى هذا الانتصار؟ هل هذه الابتكارات البشرية الحقيقية، أُخترعت من الصفر للتغلب على الصدمات الصعبة، أم أنها في الواقع انتقال، من خلال اسستخلاص حلول متاحة في التراث البيولوجي؟. 

 بعد أن تجهزت بكل ثراء مرت به البشرية، وفي وقت قياسي من مرحلة «الكائنات الأساسية» إلى مرحلة «الكائنات الموهوبة بالمشاعر والمعرفة». مثل هذا العمل الفذ كان سيقودها بالطبع إلى ابتكار الفن والدين والعلوم والتكنولوجيا والسياسة والاقتصاد، ناهيك عن الفلسفة. باختصار، لتخلق من الصفر ما نسميه بـالـ «ثقافات البشريَّة».