المتحرش.. عدو المرأة الأول

ريبورتاج 2023/05/09
...

 بدور العامري: الصباح

ازدادت في الآونة الأخيرة ظاهرة فضح وكشف أفعال المتحرشين بالنساء ونشر صورهم على وسائل التواصل الاجتماعي، هناك من يعتبرها رد فعل طبيعي لمواجهة هكذا ممارسات في ظل تغاضي مجتمعي وقانوني عن معالجتها، بينما وجدت منه بعض النساء وسيلة ناجحة لردع من يفكر في الاعتداء على حرية وكرامة الاخريات.

وسيلة ردع

لا شك أن فعل التحرش عمل فاضح وغير أخلاقي لا يمكن تبريره، مهما حاول البعض بتقديم الحجج مثل لبس الفتاة أو تصرفاتها، لذلك نجد أن الوضع في العراق لا يختلف كثيرا عن أغلب الدول العربية في هذا الخصوص، إذ تقول الشابة نورس علي (28 عاما) “ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في إحداث تغييرات كبيرة في مجتمعات الدول الأخرى،  وعلى رأسها القضايا المجتمعية والتحرش واحدة، وتؤيد نورس فضح المتحرشين في وسائل التواصل الاجتماعي، ومن ثم الاقتصاص منهم قانونيا، كي يكونوا عبرة لغيرهم ممن تسول له نفسه في التجاوز على الشابات والنساء عموما، وبحسب نورس ما زال المجتمع في أغلب الحالات يضع اللوم على المرأة، وأنها هي من تسببت في حدوث فعل التحرش، بسبب ممارستها لحريتها المفرطة أو نوع ملابسها، وبهذا الفعل يكون المجتمع قد ألحق الظلم بالمرأة مرتين، الأولى عندما تخلى عن الوقوف معها والدفاع عن حقوقها  كرامتها، والثانية عند مناصرة الشخص المتجاوز عليها عن طريق تبرير تجاوزه وإيجاد الحجج الواهية، التي اوجدتها بعض العادات الاجتماعية الرجعية.


تشريع قوانين

الناشطة والحقوقية بسمة رياض تعتقد بجدوى فضح المتحرش على وسائل التواصل الاجتماعي في حال عدم معرفة هويته، كي تسهل على الجهات المعنية متابعته والاقتصاص منه، في الوقت الذي تجد فيه ضرورة تشريع قانون خاص بقضايا التحرش، حيث تقول إن غياب النص القانوني الصريح  الخاص بالتحرش في قانون العقوبات العراقي ساهم بشكل أو بآخر باستفحال التحرش وعدد المتحرشين، خاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة، اذ لم يتم التعامل مع هذه القضية بالقدر الذي يتناسب مع حجمها وتأثيرها على بنية المجتمع الأخلاقية والقيمية.

وأشارت رياض الى الإشارة الخجولة للتحرش في القانون العراقي، وهو ما نصت عليه المادة 400 من قانون العقوبات رقم 111 لسنة 1969 المعدل (على من ارتكب مع شخص ذكرا او انثى، فعلا مخلّا بالحياء بغير رضاه أو رضاها يعاقب بالحبس مدة لا تزيد عن سنة وبغرامة مالية لا تزيد عن مئة دينار أو بإحدى العقوبتين، في حال وصول الإخبار عن جريمة التحرش إلى القضاء).

ونبهت رياض على ضرورة تنسيق الجهود بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات القانونية في البلاد، لوضع قانون خاص بجرائم التحرش بمختلف أنواعها، تحدد وفقه أركان الجريمة وتوصيفها وعقوبتها.


ضياع الحقوق

تشير التقارير الصادرة عن مجلس القضاء الأعلى العراقي بخصوص التحرش إلى عزوف الأشخاص، الذين تعرضوا للتحرش عن التوجه الى القضاء ورفع دعاوى في المحاكم، بسبب ارتباط هذه المسألة بأمور عشائرية، ويبيّن المحامي نور جعفر، الذي يعمل في إحدى محاكم مدينة الصدر أنه على الرغم من تزايد حالات التحرش بالنساء خلال السنوات الأخيرة، إلا أننا نجد عزوف أغلب الضحايا عن تحريك شكوى ضد المتحرش او التبليغ عنه في المحاكم، اذ كثيرا ما تتم معالجة هذا الامر عشائريا، وبالتالي تتم التسوية عن طريق دفع مبلغ من المال لذوي المرأة الضحية، وبحسب جعفر فإن التوجه للحلول العشائرية فيه آثار سلبية كبيرة على المجتمع، لأنها تعمل على تشتت القوانين نتيجة تغيب القانون العام من جهة، وعدم ضمان الحيادية في الحكم من جهة أخرى، نتيجة اعتماد الاحكام الشخصية والانتقائية، اذ كثيرا ما تتم تبرئة الجاني وانقلاب الموازين فوق رأس المجنى عليه، وأشار جعفر الى حالات وصفها بالنادرة تقوم المرأة برفع قضية على المتحرش وبعد ثبوت الأدلة، تتم محاكمته على أنه ارتكب جنحة وليست جريمة.


التحرش الالكتروني

التحرش أنواع منه اللفظي والجسدي والالكتروني، الذي ظهر مع اتساع استخدام التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، اذ يعمل المتحرش على استخدام هذه المنصات أو الهاتف المحمول أو أي أجهزة الكترونية بالتواصل مع الضحية واستخدام بياناته والتهديد بفضحه، لغرض الابتزاز المالي او الجسدي، ويقول حسين المولى في حديث سابق لـ(الصباح)، إن “جريمة التحرش الالكتروني باتت اليوم أحد مهددات العصر الجديد، لما تحمله من تهديد اجتماعي، خا5صة في حالة استهداف الأطفال والمراهقين من قبل المجرمين، ونبه المولى على القصور التشريعي والعقابي للتحرش بصورة عامة في العراق والتحرش الالكتروني بصورة خاصة، داعيا الجهات المعنية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمواجهة هكذا نوع من الجرائم، عن طريق تشريع قوانين متجددة تتلاءم مع هذا العالم المتطور، كذلك يجب أن يكون هنالك عمل متوازٍ للشركات التقنية المختصة بمجال التكنولوجيا، كي تضع حلولها في ما يخص متابعة المتحرشين وايقافهم، ومزايا أخرى مثل حماية خصوصية المستخدم والأمان على الصور وغيرها”.